بداية يجب التنويه بأن شعب مصر بكل المعايير يعتبر شعبا محبا للتسامح والسلام.

التعليم,شيخ الأزهر,يمنى أباظة,مصر

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
يمنى أباظة تكتب:  انتبهوا للفتنة

يمنى أباظة تكتب: انتبهوا للفتنة

بداية يجب التنويه بأن شعب مصر بكل المعايير يعتبر شعبًا محبًا للتسامح والسلام ولم يعرف العنف والاضطهاد عبر تاريخه الطويل، فهو لا يشبه الشعوب المركبة التى تنتمى إلى أصول عرقية متباينة أو ثقافات مختلفة، فالشعب المصرى ذو حضارة واحدة وثقافة مصرية عريقة ضاربة فى القدم، أنتجت فكرًا واحدًا وتقاليد وأعرافًا واحدة ونسيجًا واحدًا، فأبناء مصر هم نتاج الحضارة المصرية والتاريخ المصرى عبر مراحله المتنوعة، لذا كانت وحدة وقوة التماسك الاجتماعى هى أساس عنصر الإرادة الوطنية وسبب قوته التى تقف خلف كل إنجاز عظيم لأى أمة.

ويعد النموذج المصرى فى "الانصهار" نموذجًا مثاليًا قلما نجده فى أمة من الأمم، فالتوحد بين المسلمين والأقباط سجله التاريخ القديم والوسيط فى مواقف عديدة يصعب حصرها وسجله التاريخ الحديث منذ عام 1919 عندما فرضت الوحدة بين عنصرى الأمة "مسلمين وأقباط" على المستعمر الإنجليزى أن يصدر تصريح 28 فبراير عام 1922 بإعلان استقلال مشروط وهو ما تفوقت به مصر على كثير من الشعوب التى خضعت للاحتلال للإنجليزى، كالهند مثلا.

فبالإضافة إلى أن الوحدة الوطنية كانت سببًا هامًا فى استقلال مصر فشل الإنجليزى فى الوقيعة بين عنصرى الأمة، فإننا نجد هذه الوحدة تتجلى فى كون المصريين مسلمين وأقباطا نسيجًا اجتماعيًا واحدًا متجانسًا ثقافيًا واجتماعيًا، فإذا كانت الصلوات فى المساجد والكنائس بلغة عربية واحدة ودور التعليم المختلفة تحتضن أبناء الجميع جنبا إلى جنب، فيتعايشون ويتشابهون فى طبيعة حياتهم وعاداتهم ومشاركة بعضهم البعض المسرات والأحزان، بل إنك تجد دور العبادة تتجاور وتتعانق مآذن مساجدها مع أبراج كنائسها فى تسامح فريد لا تعرفه أعرق البلدان تطورا وتقدما وديمقراطية وحضارة فى العالم.

وقد أصاب الحاكم الإنجليزى اللورد كرومر إبان احتلال إنجلترا لمصر كبد الحقيقة عندما قال: "إنك فى مصر لا يمكن أن تفرق بين المسلم والقبطى فى شيء، ولا يمكن تمييز المسلم عن القبطى إلا عند دخول المسلم إلى المسجد ودخول القبطى إلى الكنيسة، وقصد "كرومر بذلك"، أنه لا يوجد جيتو للأقباط فى مصر، مثل "الجيتو" اليهودى الذى عرفته البلدان الأوربية، لذا لا يمكن تصور إرادة وطنية ذات قيمة عالية دون قوة التماسك الوطنى للأمة، فالإرادة الوطنية فى مصر هى التى كانت خلف بناء السد العالى، أعظم مشاريع مصر فى القرن العشرين، وهى التى حققت النصر فى حرب أكتوبر المجيدة، فلم تعرف الحرب التفريق بين المسلم والقبطى فى تحقيق الانتصار بل امتزجت دماء الكل دفاعا عن شرف الوطن وحريته.

فمصر بها كثير من الحقائق التى يغفلها البعض حين يتكلم عن المسيحى والمسلم فى مصر، أول هذه الحقائق هى أن المسلم والمسيحى يتشاركان فى النضال عبر التاريخ وتحرير أرضهم، وثانى تلك الحقائق هى أن القيادات الدينية من مسلمة "شيخ الأزهر والمفتى" ومسيحية "بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية" توجد بينهم مساحة كبيرة من الاتفاق إزاء مختلف القضايا السياسية داخل الوطن وخارجه.

وثالث تلك الحقائق التى يعرفها كل من يعيش على أرض مصر وهى أن الدستور المصرى لم يفرق بين المواطنين بسبب ديانتهم فى الحقوق والواجبات ومزايا المواطنة، فالكل سواء أمام القانون كما أن المشاركة السياسية وحرية الفكر والتعبير حق يكفله الدستور للجميع دون أدنى تمييز.

وأربع تلك الحقائق هى أن دور الكنيسة الأرثوذكسية فى مصر تعاظم واتسعت مساحته لتتجاوز المجال الدينى إلى المجالات الاجتماعية والثقافية والتربوية بل إننا نجد العديد من الكنائس فى أماكن مختلفة من مصر تقوم بدور بارز فى الحياة الاجتماعية لا يقوم به العديد من المساجد لهذا وعلى ضوء هذه الحقائق فإننى أطالب الذين يقومون بترويج الافتراءات الكاذبة محاولة من جانبهم لتشويه الواقع المصرى، خاصة فى قضية السيدة سعاد ثابت الأخيرة بعد براءة المتهمين، فلا بد أن يعلم كل هؤلاء أن مصر أمة واحدة، لم تعرف الطائفية أو التعصب الدينى أبدا وعليهم التزام جانب العدالة والحرص على أمانة الكلمة ومراعاة الحق والحقيقة فيما يقولون ويكتبون.

فمصر كما قال الخليفة العادل عمر بن الخطاب، هى "كنانة الله فى أرضه من أرادها بسوء قصمه الله"، وإننى أؤكد للجميع أن مصر رغم كل الافتراءات والأكاذيب ستظل رمزا للتسامح والإخاء كما كانت عبر تاريخها الطويل الذى كان فيه دائما المسلم والمسيحى يدا واحدة فى كل الظروف والأحوال.