◄ الحكومة واجهت فيروس كورونا بثبات كامل.. والإصلاح الاقتصادي كلمة السر فى الصمود . فى غفلة من الزم

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

خالد الطوخى يكتب : «الصمود الكبير » شفرة الدولة المصرية فى مواجهة الأزمات

خالد الطوخى - صورة أرشفية  الشورى
خالد الطوخى - صورة أرشفية


الحكومة واجهت فيروس كورونا بثبات كامل.. والإصلاح الاقتصادي كلمة السر فى الصمود .

فى غفلة من الزمن اعتقد البعض أنه يمكن الإيقاع بالدولة المصرية فى فخ الفوضى، فتصبح صيدا سهلا، يتمكن خصومها من الانقضاض عليها وتفتيتها وتقسيمها وتشتيتها.

تجاهل هؤلاء أن الدولة المصرية القديمة التى توالت عليها طبقات حضارية عديدة، وهى الطبقات التى منحت المصريين صفة لا تتوفر لشعوب أخرى، وهى أن المصريين يشعرون بالخطر الحقيقى، فيستعدون له ويتجاوزونه بخبرتهم التاريخية التى لم تخطئ أبدا.

هذه الخبرة التاريخية تجلت بقوة فى مواجهة الدولة المصرية الأزمة التى أنهكت العالم كله وهى جائحة كورونا، وعندما أتحدث عن الدولة هنا، فأنا أشير إلى  مكونين أساسيين من مكونات الدولة "الحكومة والشعب"، فلولا حالة التناغم الشديد التى جمعت بينهما ما استطعنا أن نتجاوز الأزمة، وهو ما نراه حاليا، رغم أن الفيروس اللعين لا يزال يطل علينا ولم يختف نهائيا.

التناغم الذى جمع بين الحكومة والشعب يكشف بوضوح عن شفرة المصريين فى التحدى والإنجاز والانتصار فى أحلك الأزمات.

تنفرد جائحة كورونا عن بقية التحديات التى تواجهنا بأنها أزمة خارجة عن الحسابات التقليدية التى يمكن أن يتعامل بها خبراء الاقتصاد والسياسة، فهى أزمة قدرية لا يستطيع أحد أن يردها، أو يتحكم فيها، أو حتى يتنبأ بمسيرتها، والدليل على ذلك أن العالم بكل معامله ومختبراته وجامعاته وعلمائه عجز تماما عن الوصول إلى  لقاح يريحنا من تبعات وباء مجهول.

فى علوم المستقبليات تستطيع أن تثبت كافة المتغيرات ثم تبنى بعد ذلك السيناريوهات التى يمكن أن تشكل المستقبل، سواء كانت هذه السيناريوهات متفائلة أو متشائمة، لكن هذه العلوم لا تستطيع التحكم فى المتغيرات القدرية الطارئة، لأنه لا أحد يستطيع توقع حدوثها أو مدى استمراريتها أو نقطة نهايتها.

شىء من هذا حدث فى مصر.

فقبل تمكن وباء كورونا بتداعياته الاقتصادية كانت مصر بالفعل تستعد لانطلاقة اقتصادية هائلة تجنى من خلالها ثمار برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى بدأت أولى خطواته فى العام ٢٠١٦، وتحمل المصريون كثيرا من الصعاب لإنجاح هذا البرنامج، وهو ما أشار إليه الرئيس عبد الفتاح السيسى، عندما قال إنه لولا صبر وتحمل الشعب المصرى ما نجح برنامج الإصلاح ولا كانت له ثمار.

قبل أن تطل ثمار البرنامج الاقتصادى علينا أطل وباء كورونا بتبعاته، ونظرنا حولنا فى أحوال العالم المختلفة فوجدنا أن هناك دولا كبيرة ومتقدمة واقتصادها قوى تنهار وتشكو مر الشكوى مما جرى لها، ورأينا مواطنى دول أوروبية فى الشوارع لا يجدون سريرا فى مستشفى أو رعاية طبية من أى نوع، بل إن قبور بعض الدول ضاقت عن استيعاب المتوفين بكورونا.

توقع كثيرون أن تشهد مصر شيئا من هذا، تأسيسا على أن البنية الأساسية الصحية متهالكة، وهى صورة ذهنية ثابتة رددها كثيرون خلال السنوات الماضية، دون أن ينتبهوا إلى  أن مصر خلال السنوات الأخيرة نهضت واستطاعت أن تعيد هيكلة المنظومة الصحية، وبمراجعة بسيطة للمبادرات الرئاسية فى مجال الصحة نستطيع أن نقف على ما وصلنا إليه من إنجاز فى المنظومة الصحية، وهو الإنجاز الذى جعلنا نستطيع أن نقف فى مواجهة الجائحة بقوة وثبات رغم حجم الخطر وثقله.

ما هى الشفرة التى أتحدث عنها إذن؟

بدأت هذه الشفرة فى التشكيل منذ اللحظة الأولى التى قرر فيها الرئيس عبد الفتاح السيسى تحمل المسئولية، فقد وضع قاعدة مهمة وهى أن تتحول الدولة إلى  العمل الحقيقى والجاد وتتخلى عن حالة الدعائية لمشروعات لا يكون لها ظل على الأرض.

لقد عشنا سنوات طويلة نتكلم دون أن نبذل جهدا حقيقيا يتحول إلى  إنجاز على الأرض، وعندما وصلنا إلى  لحظة المواجهة وجدنا أنفسنا نفتقد الكثير من مقومات الدولة، ولو كنّا لا قدر الله على نفس الحالة وحلت علينا جائحة كورونا لكنا الآن فى وضع مؤسف تماما لا يعلم إلا الله كيف كنا سننجو منه.

العمل فى صمت ليس وحده الشفرة، فمن بين ملامحها التكامل الشديد بين كل مؤسسات الدولة المصرية، فى عصور سابقة كانت الأنانية الإدارية إذا جاز التعبير هى السمة الغالبة على العمل فى مصر، وهو ما كان سببا مباشرا فى تعطيل الكثير من المشروعات التى توقفت رغم الإنفاق الهائل عليها.

الآن لدينا فلسفة تجلت فى الكثير من المشروعات والمبادرات الحكومية والرئاسية، وهى أن كل مؤسسات الدولة تعمل فى منظومة متكاملة ومنسجمة، وإذا أردتم دليلا على ذلك، فيمكن أن نتأمل ما جرى فى مواجهة أزمة كورونا، فكل مؤسسات الدولة تعمل معا، كل مؤسسة تقدم ما لديها، وهو ما كان سببا واضحا فى تخفيف الآثار الكارثية للجائحة.

الدولة المصرية وبكفاءة نادرة لم تتصد للجائحة فقط، ولكن أعلنت على الشعب أن لديها الاحتياطى الكافى للمواجهة، وهو ما بدا مبكرا فى استعراض اصطفاف القوات المسلحة، الذى رأينا خلاله الاستعدادات الكافية لأى طارئ.

أعتقد أن لدينا الآن ما نستطيع أن نبنى عليه فى المستقبل، إذا ما اعترضت طريقنا أزمة مهما كان ثقلها، فمصر الآن تغيرت، وأصبحت دولة واعية وقادرة على تجاوز ما يعترض طريقها.. وهو ما يجعلنا نطمئن على المستقبل.