حين ننظر فى حال شباب الأمة اليوم نُصاب بالذهول والحزن عندما نَرى أكثرهم ليس له همة ولا سعى ولا مسارَعة إلا

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

الثلاثاء 23 أبريل 2024 - 23:40
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

حسام فوزى جبر يكتب.. دعونا نربيهم بنص القرآن

حسام فوزى جبر - صورة أرشفية  الشورى
حسام فوزى جبر - صورة أرشفية


حين ننظر فى حال شباب الأمة اليوم نُصاب بالذهول والحزن عندما نَرى أكثرهم ليس له همة ولا سعى ولا مسارَعة إلا فى التفاهات والشهوات، بل ويُعرِض أغلبهم عن معالى الأمور ويرضى بسفاسفها، فإننا حال تأملنا حياة الشباب فى هذا العصـر ربما نصاب بحالة من القلق على مستقبل هذه الأمّة.

ويرى البعض أن ما حدث فى مجتمعنا المصرى، أقدم شعوب الأرض وأول دولة فى التاريخ، حضارة الـ٧ آلف سنة، هو نتاج ٤٠ سنة من التعمد فى الإخلال بمفاهيم المجتمع السوى، المجتمع الذى أصبح لا مكان للعلم والعلماء فيه، وأصبحت السخرية من اتباع تعاليم الاديان مباحة بل وانتشرت كلمات كـ "صليلنا معاك وخدنا على جناحك" لانتقاد المتدين، وصارت البلطجة هى السيطرة، والفنان ولاعب الكرة هم المثل الأعلى.

أرى أن مؤامرات الأعداء من الداخل والخارج واضحة وضوح الشمس على شبابنا فى العصر الحديث، فأخذوا يشغلون زهرة شبابنا بالتفاهات ويغرقونهم فى الشهوات ويسوقون فى أذهانهم الشبهات، ولا يملون من محاولاتهم فى إضلال شباب الأمّة ليس فى مصر فقط بل جميع شباب الامة العربية والإسلامية؛ ليقينهم أنه إذا استيقظ هذا "المارد" المتمثل فى الشباب وتركهم أهواءهم الزائفة لكان لأمتنا الريادة والمكانة والعلو وهم لا يريدون ذلك لنا بأى حال.

فهى أكثر فترة يعمد أعداء الأمة فيها إلى السيطرة عليها فكريا وثقافيًّا وأخلاقيًّا، فصار غزو الغرب اليوم للمجتمعات العربية لا بالسلاح والسيف؛ بل بالفكر والثقافة والأخلاق، "الغزو الثقافى" حتى أحاط بشبابنا عدة ظواهر، منها كالتقليد والموضة، ضعف الإقبال على العلم، تضييع الأوقات، التكبر على النصيحة، ولكن علينا أن نكون عونًا لشبابنا لا عليهم.

مرحلة الشباب هى أطول مرحلة عمرية من حيث السن، وهى أنشط مرحلة من حيث توقع العطاء والهمة، وهم سبيل نهضة أى أمة وتقدم أى وطن، ودورنا أن ننبه على هذا الدور المنوط بالشباب فى واقعنا، فأعظم ثروات الشعوب فى طاقات وعقول أبنائها، وسيرة وكيان المجتمعات العظيمة تتلخص فى حياة عظمائها الذين بكل تأكيد كانوا شبابًا، والتاريخ يشهد أن علماء ورؤساء وقادة الشعوب والأوطان كانوا شبابًا، فالشباب هم عماد أى بناء ارتفع وعلا شأنه، فإن صلُح حال شبابنا -بعد مشيئة وتوفيق الله- ستجدد الحركة فى الحياة والتقدم المرغوب للأوطان، أما إذا غُيّب الشباب فى غياهب الشبهات والشهوات والتفاهات والبعد عن تعليم الدين فلن تقوم لنا قائمة.

فلشباب الأمّة دور كبيرٌ تجاه أوطانهم وأمتهم، وينبغى توضيحه لهم بكل وضوح لنتعلّم ونقتدى بالسابقين؛ عسى الله أن يُخرج من بيننا شابًّا يعمل على عزة هذه الأمة، فلو علم الشاب غايته التى من أجلها خلقه الله وأوجده فى الحياة فربما يعمل على تحقيقها بصورة سليمة وصحيحة، يعبد ربّه فى كل زمان، وتحت أى ظرف، ويستخدم كل وسائل الحياة وفقًا لما يرضيه عزّ وجلّ ومعرفة الغاية أول طريق الالتزام بالدين التزامًا وسطيًّا يجلب الناس للخير، بل ومن منهم تلذّذ بالصلاح لن يترك صديقه أو زميله يهوى إلى هاوية الفساد والضلال، بل يتحرك بكل ما أوتى من علم وحكمة وفهم فى دعوته والأخذ بيده.

ويقول الأديب العالمى الراحل نجيب محفوظ فى كتابه أصداء السيرة الذاتية: "سألت الشيخ عبدربه التائه: متى يصلح حال هذا البلد؟ قال: عندما يعلم أهله أن عاقبة الجبن أوخم من عاقبة الشجاعة"، لذلك علينا وفورًا أن نواجه ونوجه شبابنا ونأخذ بأيديهم بكل قوة بدلًا من البقاء والانتظار بل والبكاء والعويل على تصرفات وأفعال الشباب، علينا المواجهة بكل شجاعة والتوجيه بكل حسم، وهذا هو دور الآباء والأمهات، والدعاة إلى الله تعالى، والمعلمين والمعلمات والمدربين والمدربات وكل راع تجاه رعيته من الشباب والبنات.

وخلال مناقشتى لعدد من المقالات السابقة حول نواحى الحياة والشباب والأخلافيات العامة وما نأمله ونرجوه من انفسنا قبل شبابنا وأولادنا، -خلال زيارتى الاخيرة لجمهورية زفتى مسقط رأسى ولى الشرف- مع بعض الذين أتشرف بمتابعتهم لى عبر نافذة "قلم حر" على صفحات جريدة "الشورى"، تحدث إلى الاستاذ حامد الحداد، احد المسئولين عن الموهوبين بمدينة زفتى لعدة عقود، مؤكدًا أن الحل موجود منذ القدم وأن القرآن الكريم قدم الحلول منذ أوحى الله إلى نبيه ومصطفاه وأنزل على قلبه هذة الآية من سورة النحل "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِى الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْى ۚيَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ"، تلك الاية التى قيل فيها: "إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإن أصله لمورق، وأعلاه لمثمر، وما هو بقول بشر وإنه ليُعلى ولا يُعلى عليه"، والتى تسببت فى شرح الله قلب البعض للاسلام بعدة الأخلاق التى لا يمكن أن تستقيم وتعتدل الحياة إلا بها، هذا المبدأ الربانى وهده التعليمات القرآنية العظيمة، التى ترتفع وترتقى وتسمو بمجتمعها وتمنعه عدة السقطات غير المبررة فى وجود منهج ربانى قرآنى رائع كهذا المنهج، فعلينا اتباع هذا النهج بالعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى والبعد عن الفحشاء والمنكر والبغى، ويقول إمام الدعاة اليخ محمد متولى الشعراوى -رحمه الله- للحق تبارك وتعالى فى هذه الآية ثلاثة أوامر: العدل، والإحسان، وإيتاء ذى القُرْبى. وثلاثة نَواهٍ: عن الفحشاء والمنكر والبغى، وقيل عنها إنها أجمعُ آيات القرآن للخير هذه الآية لأنها جمعتْ كل الفضائل التى يمكن أن تكون فى القرآن الكريم.

عزيزى القارئ هذه هى مجموعة الأوامر الواردة فى هذه الآية، فهل ترى مجتمعًا يُنفِّذ مثل هذه الأوامر ويتحلَّى أفراده بهذه الصفات، غير مجتمع ترتقى فيه الاستعدادات الخُلقية، إلى أن يترك الإنسان العقوبة والانتقام ويتعالى عن الاعتداء إلى العفو، بل إلى الإحسان، مجتمع تعمُّ فيه النعمة، ويستطرق فيه الخير إلى كل إنسان، ومجموعة من النواهى تمثل مع الأوامر السابقة منهجًا قرآنيًا قويمًا عظيمًا يضمن سلامة المجتمع. إن مجتمعًا فيه هذه الصفات هو مجتمع سعيد آمِنٌ يسوده الحب والإيمان والإحسان، يسعى للتطور والتقدم مع تطبيق هذه الصفات والالتزام بهذه التعليمات واجتناب هذه النواهى إنه لمجتمع جدير بالصدارة بين أمم الأرض كلها، إنها تربية من فوق سبع سماوات.. فدعونا نربيهم بنص القرآن.