◄ الشعب ينتفض ويشارك فى المبادرات الإنسانية.. ورجال الأعمال يناضلون عبر "السوشيال ميديا". ◄ عمل

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

محمد فودة يكتب: « الهروب الكبير» لرجال الأعمال أين اختفى « أهل البيزنس» ولماذا لا نراهم فى معركة الدولة ضد « كورونا» ؟

الكاتب محمد فودة - صورة أرشفية  الشورى
الكاتب محمد فودة - صورة أرشفية


الشعب ينتفض ويشارك فى المبادرات الإنسانية.. ورجال الأعمال يناضلون عبر "السوشيال ميديا".

عمل الخير "عدوى حميدة" تصيب الجميع.. فلماذا لا تصيب هذه العدوى رجال الأعمال أيضًا؟

آن الأوان ليبادر "القطاع الخاص" ويقوم برد الجميل للدولة وللشعب أيضًا فى هذه الأزمة .

يمكن القول ان مفهوم الدور المجتمعى لرجال الأعمال ما زال غائبا فى المجتمع المصرى .

استوقفنى خبر قرأته مؤخرًا يفيد بأن فريقا بحثيا يضم علماء من جامعة بوفالو الأمريكية اكتشفوا أن جارا خيّرا واحدا فقط فى منطقة ما يمكن أن يصيب بـ"عدوى الخير" وتمتد هذه العدوى الحميدة لتصل إلى جميع الذين ظهروا فى هذا المكان حتى عن طريق الصدفة.

وفى هذا السياق نشر الموقع الإلكترونى لجامعة بوفالو نتائج هذه الدراسة المهمة التى أجراها العلماء الأمريكيون حيث تأكد علماء الاجتماع أن ممثلى الطبقات الاجتماعية الوسطى فى القرن الـ 21 قادرون على التعاطف مع المحرومين ودعمهم أكثر بكثير من ممثلى طبقة الأثرياء.

وقد أظهر الباحثون أن التواصل المباشر والشخصى بين الجيران يساهم فى بناء علاقات ودية فى 80 إلى 90% من الحالات، يسعى فيها الأشخاص الأكثر ثراء واستقرارا من الناحية المادية إلى مساعدة الأشخاص الأقل حظا فى الحياة.

وهنا يتبادر إلى الذهن وعلى الفور التساؤل المثير للحيرة والدهشة: أين ذهب رجال الأعمال ولماذا اختفت الغالبية العظمى منهم بينما نجد الدولة تخوض حربًا شرسة ضد فيروس كورونا وذلك فى محاولة للقضاء عليه ومنع انتشاره بشتى الطرق والإجراءات الاحترازية والمباشرة؟ .

وهناك مسألة مهمة فى هذا الصدد أود الإشارة اليها وهى أننى حينما أتساءل عن اختفاء رجال الأعمال عن المشهد فى هذه المرحلة الحرجة فإننى بالطبع لا أعمم الاتهام على الجميع فهناك بالفعل من يقومون بواجبهم الوطنى ولكن للأسف الشديد فإن الغالبية العظمى من رجال الأعمال هربوا من ساحة المعركة وتركوا الدولة تخوض تلك الحرب الشرسة بمفردها، وليت الامر يتوقف عن حد الهروب والاختفاء عن المشهد وحسب بل إن بعضهم يحاول ركوب الموجة بالتواجد عبر مواقع السوشيال ميديا بتقديم النصائح وحث الناس على الالتزام بما تتخذه الدولة من إجراءات، وكأن هذا أو ذاك لا يستطيع أن يساهم الا بالكلام وركوب الموجة، بينما المطلوب من رجال الأعمال الشرفاء والوطنيين فى هذه الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد أن يقفوا إلى جانب الدولة وقفة حقيقية وملموسة، وذلك بالتبرع بجزء من تلك الأرباح التى حققها خلال السنوات الماضية وهو جزء بسيط ينبغى على كل رجل أعمال أن يقدمه للبلد مقابل ما قدمته وما تزال تقدمه لهم الدولة، فلو لم تكن الدولة قد هيأت هذا المناخ العام من الاستقرار الأمنى وهذه الأجواء الصحية للاستثمار والعمل بحرية وبأمان ما كنا رأينا أية استثمارات لهؤلاء الذين يتفننون الان فى أساليب الهروب والاختفاء وعدم الوفاء بالالتزامات الأخلاقية التى تفرضها الظروف الراهنة بسبب انتشار فيروس كورونا .

والشىء المحزن حقًا فى هذا الأمر أن نرى رجال الأعمال فى أرجاء العالم وقد سارعوا لمد يد العون لأبناء بلدانهم خاصة تلك الدول التى انتشر فيها فيروس كورونا وعلى وجه الخصوص بعد الخسائر التى سببها الفيروس، وهى الخسائر التى تقدر بمليارات الدولارات فى العديد من القطاعات وخاصة السياحة والرحلات الجوية والبرية والتصدير والاستيراد وتطالعنا وسائل الإعلام على مدار اليوم بتبرعات ومساهمات كبار رجال الأعمال فى العالم علمًا بأن بعضهم لم يعلن عن حجم تبرعاته، وآخرون أعلنوا عن حجم ما قدموه من مساعدات متنوعة للمواطنين المضارين من هذا الفيروس اللعين.

وخير مثال على تلك الخطوات الجادة من رجال الأعمال فى مختلف أنحاء العالم ما قام به  مصمم الأزياء الإيطالى الشهير جورج أرمانى الذى تبرع بحوالى 1٫25 مليون يورو لمجموعة مستشفيات ومؤسسات إيطالية وذلك فى إطار حرصه على المشاركة فى مكافحة الفيروس، فكما نعلم جميعًا أن إيطاليا وصلت إلى حد عدم القدرة على السيطرة على الفيروس.. كما تم الإعلان أيضا عن تبرع سيدة أعمال برتغالية بمبلغ 100 ألف يورو وفى نفس السياق تبرع رجل الأعمال الصينى «جاك ما» بحوالى 100 مليون يوان ما يعادل 14 مليون دولار لصالح جهود تطوير مصل علاج كورونا منذ أن ظهر هذا الفيروس فى الصين ومنها انتشر إلى جميع انحاء العالم .. أما الملياردير بيل جيتس مؤسس شركة مايكروسوفت فقد تبرع بمبلغ 100 مليون دولار حيث أصبحت الولايات المتحدة الامريكية فى صدارة الدول المضارة من هذا الفيروس القاتل .

وإذا كان الأمر على هذا النحو فى مختلف دول العالم فأين رجال الأعمال المصريون من هذا الدور الخيرى والانسانى، وأين شباب رجال الأعمال من كل ما يجرى الان، ولماذا غابوا عن دعم مبادرات الحكومة التى تضمنت اتخاذ مجموعة من الإجراءات الاحترازية والوقائية لمواجهة فيروس «كورونا»؟، فللأسف الشديد نجد أن أغلب رجال الأعمال لم يقدموا أى دعم للمجتمع لمواجهة أزمة «كورونا» فقد كان من الضرورى أن نجد رجال الأعمال يبادرون من تلقاء أنفسهم بتقديم تبرعات وإنشاء صناديق استغاثة أو وضع حساب رسمى لمساعدة ضحايا فيروس كورونا، ليعيدوا إلى الشعب بعض الأموال التى جمعوها منه وبالطبع ففى هذه الحالة سوف يتذكرهم التاريخ والشعب بعد أن نتجاوز هذه المحنة.

كما أرى أنه قد أصبح على رجال الأعمال أيضا وبعيدًا عن مسألة التبرع بشكل مباشر يمكنهم من ناحية أخرى وخاصة أصحاب المصانع فى حالة انتشار الوباء القيام بتأمين العمال صحيًا، إضافة إلى تحمل رواتب العمالة كاملة بدون أى خصم أو منع أو فصل للموظفين مهما اشتدت الأزمة حتى لو توقف العمل بالمصانع لفترة، فبعيدًا عن التبرع بالمال فإن دور رجال الأعمال فى أزمة الـ«كورونا» ينبغى أن يتمثل فى احتفاظهم بالموظفين والعمالة فى ظل الأزمة وهذا مكسب كبير للدولة وللمواطنين أيضًا لأن هذا الدور مهم جدًا ويجب أن يبادر به رجال الأعمال خاصة بعد تخفيض سعر الفائدة من البنك المركزى بنسبة 3٪ فيجب أن تقوم الشركات باستغلال هذه الفرصة حيث إن تكلفة التمويل قد انخفضت وبالتالى فإنه عليهم البدء فى تنفيذ مشروعات جديدة أو خلق فرص عمل وخطوط إنتاج كثيرة، وضخ إنتاج فى السوق مما سيساهم فى تصدير تلك المنتجات وذلك بالطبع سوف يصب فى مصلحة وخدمة المجتمع بالكامل.

فى تقديرى الشخصى فإن المسألة ليست صعبة ولا مستحيلة لأنه فى مقدور أى رجل أعمال أن يسهم وبشكل كبير فى مساعدة الدولة فى حربها ضد فيروس كورونا، وذلك من منطلق الشعور بالمسئولية المجتمعية وكلنا نعلم جيدًا أن القيام بالمسئولية المجتمعية مسألة اختيارية وليست إلزامية ومع ذلك فإنه يمكن القول إن مفهوم الدور المجتمعى لرجال الأعمال ما زال غائبًا فى المجتمع المصرى وربما يعود ذلك إلى عدم الوعى الكامل لدى رجال الأعمال بأهمية هذا الدور والآثار الاقتصادية التى تعود عليهم من جراء القيام به تعد المسئولية الاجتماعية من المبادئ التى اتفقت عليها جميع الشرائع، والأنظمة والقوانين، حيث تلعب دورًا كبيرًا فى إصلاح الأفراد والمجتمع على حد سواء، وفى ظل تلك الأجواء التى يعيشها المجتمع فإننا فى حاجة ماسة إلى مجهودات كبيرة لنشر ثقافة المسئولية المجتمعية وثقافة العطاء، دعمًا للتنمية وذلك بين رجال الأعمال والشركات، فالمسئولية الاجتماعية من القيم التى ينبغى الترويج لها.

إن ما تمر به مصر، والذى تخوض فيه حربا  حقيقية مع عدو لا نراه بالعين المجردة، هو فيروس كورونا، يتطلب وبشكل عاجل أن يضطلع كل شخص بالدور المنوط به، وبالطبع فإن رجال الأعمال ينبغى أن يكونوا فى صدارة المشهد، وبالتالى يجب أن يقوموا بأداء واجبهم المنوط بهم على أكمل وجه، وبكل تأكيد لو تم ذلك سوف يؤثر وبشكل إيجابى على تغيير الصورة الذهنية عن رجال الأعمال فى المجتمع .

ولكن أن يظل بعض رجال الأعمال على هذا النحو من التخاذل والعزوف عن المشاركة الإيجابية فهذا أمر غير مقبول على الإطلاق ومرفوض رفضًا قاطعًا، لأننا جميعًا الان فى مركب واحب ويجب أن نشارك كل حسب قدراته وإمكاناته إلى أن تصل بسفينة الوطن إلى بر الأمان وننتصر فى المعركة التى نخوضها الان جميعًا ضد فيروس كورونا الذى لا يفرق بين دولة عظمى وأخرى نامية.