التحية واجبة إلى أصحاب البالطو الأبيض الذين وقفوا على

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

محمد فودة بكتب: الجيش الأبيض فى مواجهة « كورونا »

الإعلامي محمد فودة  الشورى
الإعلامي محمد فودة


التحية واجبة إلى أصحاب البالطو الأبيض الذين وقفوا على خط المواجهة الأول لحمايتنا

الأطباء أثبتوا أنهم على قدر المسئولية.. ولا بد من إعادة النظر فى أوضاعهم الاقتصادية من الآن

رسالتى لأطباء مصر: أنتم جميعاً فوق رؤوسنا.. ولن ننسى لكم تضحياتكم

طواقم التمريض فى كافة المستشفيات تصدت للخطر بشجاعة وبعزيمة وصبر

شجاعة الطبيب المصرى تفوقت على "الروبوت الطبيب" فى الصين

 

على الرغم من أن الشعور بالخوف والإحساس بالرهبة أثناء مواجهة الخطر تصرف إنسانى طبيعى ولا خلاف عليه، إلا أننى لا أجد تفسيرًا لتلك الحالة التى ظهر عليها "الطبيب المصرى" وهو يواجه خطر فيروس كورونا بلا أى شعور بالخوف وبلا أدنى إحساس بالرهبة.. فاستحقت تلك الفئة من أصحاب البالطو الأبيض أن يكونوا بحق بمثابة "رسل الإنسانية" وأن يكونوا بالفعل "ملائكة الرحمة" التى تعيش بيننا وتضطلع بالقيام بدورها الإنسانى على أكمل وجه، فما أن ظهر خطر فيروس كورونا الذى يجتاح العالم الآن حتى فوجئنا بتلك الروح المقاتلة من جانب الأطباء وهيئات التمريض تقتحم ساحة المعركة بكل ما أوتيت من قوة فنحن بالفعل نخوض الآن حربًا شرسة مع عدو خفى غير واضح الملامح ينتشر بسرعة فائقة فى جميع أنحاء العالم.

وأعتقد أن هذه الروح القتالية التى ظهر بها أطباء مصر والفريق الطبى وطواقم التمريض المساعدة لهم فى مختلف المستشفيات لم تكن وليدة الصدفة أو مجرد انفعال لحظى، فالطبيب المصرى دائمًا وأبدًا يضرب به المثل فى الالتزام بأخلاقيات المهنة وبالانحياز لوطنه فى أوقات الشدائد والمحن.

لقد كشفت أزمة فيروس كورونا أننا نمتلك بالفعل "جيش أبيض" يقوم بواجبه على أكمل وجه، وهذا الجيش من الأطباء أصحاب البالطو الأبيض الذين وضعوا على عاتقهم منذ بداية المعركة أنه لا خيار أمامهم سوى الانتصار على هذا العدو الذى حير العالم والذى مازال غامضًا وتسبب فى آلاف الضحايا.

والحق يقال فإنه على الرغم من أننا لا نمتلك بنية تحتية قوية فى مجال الصحة بالمقارنة بدول أخرى متقدمة مثل الصين وأمريكا وعلى وجه الخصوص دول الاتحاد الأوروبى التى تحولت إلى عبارة عن دول موبوءة بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ولكن نحن نمتلك ما لا تمتلكه تلك الدول وهو سلاح الإرادة.. نعم نحن نمتلك سلاح الإرادة الفتاك الذى جعل الطبيب المصرى وبأقل الإمكانات المتاحة يتفوق كثيرًا على نظرائه من الأطباء فى الصين وفى العديد من دول أوروبا التى فقدت السيطرة على الفيروس بشكل خطير مما دفعها لحظر نزول المواطنين من منازلهم بشكل قامع بل تحولت بعض تلك الدول إلى مناطق معزولة تمامًا عن العالم .

وحتى نضع أيدينا على تلك المسألة بشكل حقيقى علينا أن ننظر كيف تعامل الأطباء في الدول  المتقدمة، ففى الصين التى كان الظهور الأول للفيروس بداخلها نجد أنهم قد تعاملوا مع الأمر بحذر شديد وشيئًا فشيئًا تطور الأمر ليصبح مواجهة حقيقية وشرسة، ولم يصمد فى هذه المواجهة الأطباء الصينيون خاصة فى تلك المناطق التى كانت تمثل الأكثر خطرًا ليس على المواطنين وحسب بل على الأطباء وهيئات التمريض أيضًا، وهو ما تسبب فى لجوء الحكومة الصينية إلى استخدام "الطبيب الروبوت" وهى أجهزة حاسب آلى تحل محل الأطباء وهيئات التمريض فى التجول داخل المستشفيات التى تمثل خطورة كبيرة من حيث تزايد عدد الإصابة بها إذ يمكن لهذه الروبوتات مساعدة الأطباء على الاتصال بالمرضى عن بُعد بالفيديو ومراقبة صحتهم، وتقديم العلاج للمرضى المصابين والتوصيل الآمن للسلع الطبية فى المستشفيات فى المناطق النائية فى الصين، لدرجة أن هذه الروبوتات أصبحت الآن بمثابة بديل آمن يساعد على الحد من انتشار فيروس كورونا، وعلى الرغم من أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت للتغلب على صدمة المرضى من الحصول على المساعدة من قبل الروبوت بدلًا من أخصائى طبى فقد تغلغلت الروبوتات بالفعل فى عدد متزايد من القطاعات فى المجتمع الصينى بما فى ذلك دور رعاية المسنين والمطاعم والمستودعات والبنوك.

ويمكننا أن نقيس على هذا الوضع حال الأطباء فى مختلف أنحاء العالم وهو ما يجعلنا أمام نموذج مشرف لدينا فى مصر، فالطبيب المصرى ومنذ بداية ظهور الفيروس أدى واجبه ومازال يؤديه على أكمل وجه فى إطار تلك الإجراءات الاحترازية التى كانت وزارة الصحة والسكان قد اتخذتها مع ظهور أول حالة إيجابية حاملة لفيروس كورونا المستجد لشخص "أجنبى" فقد تم إجراء التحاليل اللازمة للمخالطين للحالة المصابة والتى جاءت سلبية للفيروس كما تم عزلهم ذاتيًا فى أماكن إقامتهم كإجراء احترازى لمدة 14 يومًا «فترة حضانة المرض»، مع القيام بمتابعتهم بشكل دورى كل 8 ساعات وإعطائهم الإرشادات الصحية الواجب اتباعها كما تم تعقيم المبنى الذى كانت تقيم به الحالة والمخالطون لها.

ولأننا لسنا الدولة الوحيدة فى العالم التى تواجه هذا الخطر فإن منظمة الصحة العالمية تتابع عن قرب ما تقوم به دول العالم فى مواجهة الفيروس وأذكر أنه فى هذا الصدد قدم ممثل منظمة الصحة العالمية بمصر تقريرًا أشاد فيه بسرعة وشفافية الحكومة المصرية فى التعامل مع الموقف وحرصها على إبلاغ المنظمة بالحالة فور الاشتباه بها، مشيدًا بالإجراءات الوقائية التى اتخذتها وزارة الصحة والسكان حيال الحالات المكتشفة والمخالطين لها، وقد لفت ممثل منظمة الصحة العالمية بمصر الانتباه إلى أن مصر من أولى الدول التى وضعت خطة وقائية جيدة للتصدى لفيروس كورونا المستجد وكيفية التعامل مع الحالات المصابة حال اكتشافها، كما أن مصر فى طليعة الدول بمنطقة شرق المتوسط التى أمدتها المنظمة بأجهزة دقيقة للكشف عن المصابين بفيروس كورونا.

وبالفعل كانت الدكتورة هالة زايد، وزيرة الصحة والسكان على قدر المسئولية حيث شكلت على الفور غرفة إدارة الأزمات بديوان عام الوزارة، وهذه الغرفة فى حالة انعقاد دائم وتعمل على مدار الـ24 ساعة حيث تضم ممثلين من كافة الوزارات والجهات المعنية لمتابعة موقف فيروس كورونا المستجد داخل البلاد وخطة الوزارة الوقائية بالمنافذ والموانئ وجميع مديريات الصحة بكافة محافظات الجمهورية، فى ظل رفع درجات الاستعداد للقصوى فى جميع المنافذ والمطارات على مستوى الجمهورية.

وظل أصحاب "البالطو الأبيض" فى صدارة المشهد منذ أن قررت وزارة الصحة والسكان فى مصر بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية رفع استعداداتها بجميع منافذ البلاد الجوية والبرية والبحرية ومتابعة الموقف أولًا بأول، فبشهادة منظمة الصحة العالمية فإن مصر وضعت بالفعل خطة وقائية مشددة يتم تطبيقها بكافة الموانئ والمطارات منذ إعلان منظمة الصحة العالمية عن ظهور فيروس كورونا المستجد فى يناير الماضى وتلك الخطة تبدأ من داخل الطائرة حيث يتم توزيع كارت المراقبة الصحية على المسافرين، ويقوم المسافر بملء الكارت وهو على متن الطائرة وعند وصوله يتم فحصه وقياس درجة حرارته بأجهزة "الانفرارد" وبالتالى فإنه عند اكتشاف أن أحد المسافرين يعانى من ارتفاع فى درجة الحرارة يتم على الفور عزله بالحجر الصحى بالمطار وفحصه ثم تحويله إلى مستشفى الحميات لسحب عينة تحليل PCR الخاص بفيروس كورونا والذى تظهر نتيجته بعد مرور 6 ساعات.

وحينما أعود للحديث عن "الجيش الأبيض" الذى طوق رقابنا بهذا الأداء المشرق، وبتلك التصرفات النبيلة فإننى أرى أنه قد آن الأوان لأن يتم إعادة النظر فى الأوضاع المهنية والمادية والاجتماعية للطبيب المصرى ليس هذا وحسب بل لأطقم التمريض الذين يمثلون بالفعل كتيبة الجنود المجهولين فى هذه الحرب التى تدور رحاها داخل غرف المستشفيات ودور المراكز الصحية والشىء الذى يدعو لضرورة النظر لهؤلاء أن الغالبية العظمى منهم ظلوا طويلًا بعيدين كل البعد عن دائرة الاهتمام وإعطائهم ما يستحقون من مقابل مادى يجعلهم يعيشون فى مستوى يليق بمن يمتهنون أنبل مهنة، تلك المهنة التى تصل فى منزلتها إلى منزلة ملائكة الرحمة فقد تعامل الأطباء مع السيناريوهات الثلاثة بكل شجاعة وباحترافية تامة.

فالسيناريو الأول: وهو مرحلة ما قبل الوباء ويتمثل فى وجود إصابات مرضية مكتشفة ويجرى التعامل معها بشكل سريع وهو ما لاحظه الجميع من حيث التعامل على هذا النحو من الاحترافية من جانب الأطباء وطاقم التمريض.

أما السيناريو الثانى: وهو مرحلة انتشار المرض وارتفاع نسب الإصابات بشكل جماعى والذى يصاحبه التعامل بتجهيز المستشفيات وتوفير المستلزمات الطبية لمواجهة ارتفاع الإصابات مع نشر الفرق الوقائية للتقصى وكشف الحالات الجديدة.

بينما يظل السيناريو الثالث والأخير بمثابة أمانة فى عنق "الجيش الأبيض" حيث يتعلق يتمثل هذا السيناريو فى آليات التعامل ما بعد الأزمة وانتشار الوباء وإعادة تعبئة الدولة ومؤسساتها الصحية لمواجة الوباء وآليات التعافى منها للرجوع للوضع الطبيعى.

والآن ونحن نعيش تلك الإجراءات الاحترازية التى اتخذتها الدولة من أجل حماية الوطن والمواطن فإننا أمام صورة مشرفة من صور العطاء رسم ملامحها تلك الكتائب المقاتلة التى تشكل ما نمتلكه من الجيش الأبيض الذى يجسد بوضوح الدور الإنسانى للأطباء ولطواقم التمريض الذين عملوا ومازالوا يعملون بروح قتالية فى هذه الحرب ضد فروس كورونا.