رأينا فى المقال السابق كيف كان الإسلام كائناً واحداً حتى مقتل عثمان بن عفان رضى لله عنه حيث انفرط العقد وت

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

أيمن سلامة يكتب : الخلافة الإسلامية ..حقائق وأوهام «4»

السيناريست أيمن سلامة - صورة أرشفية  الشورى
السيناريست أيمن سلامة - صورة أرشفية


رأينا فى المقال السابق كيف كان الإسلام كائناً واحداً حتى مقتل عثمان بن عفان رضى لله عنه حيث انفرط العقد وتفرقت الأمة إلى أحزاب وشيع ثم ازداد الأمر واتسعت الفرقة عقب مقتل الإمام علىّ كرم لله وجهه فصرنا سنة وشيعة وطوائف عديدة لا حصر لها، والسبب الوحيد وراء ذلك هو الطمع فى السلطة، ولكى يثبت كل فريق أنه الأجدر والأحق بالسلطان راح يؤصل ذلك بأحاديث منسوبة إلى الرسول صلى لله عليه وسلم أو بتأويل لآيات قرآنية كريمة، ونتيجة لهذا الصراع قتل آلاف الصحابة واختلفوا فيما بينهم ودست زوجة الحسن رضى لله عنه السم في طعامه فمات رغم تنازله عن الحكم ليزيد بن معاوية، ثم ذبح الحسين رضى لله عنه  حين أراد قتال جيش يزيد واستعادة الخلافة إلى البيت الهاشمى، وجاء اليوم الذى أصبح فيه للمسلمين خليفة فى الشام وآخر فى مكة، لتنقسم الدولة الإسلامية إلى دولتين بينهما معارك طاحنة، على العلم بأننا لم نزل في بدايات الإسلام وأن الصحابة والتابعين هم أعمدة الحكم في الدولتين، وظل الأمر هكذا حتى نجح جيش عبد الملك بن مروان فى قتل خليفة المسلمين فى مكة عبد لله بن الزبير وصلبه على الكعبة، فهل كان عبد الملك مغتصباً للحكم أم كان ابن الزبير خارجاً عن الشرعية؟ ولماذا نركز دوما فى حديثنا عن مجد الخلافة على الاستثناء ونتجاهل العام؟ فعمر بن عبد العزيز كان استثناء ولم يمتد حكمه لأكثر من عامين فقط، أما باقى تاريخ الخلافة الأموية والعباسية والعثمانية فمليئة بالأحزان، وتعالوا نقرأ سوياً ما كتبه الإمام السيوطى فى كتابه الخلفاء عن الوليد بن يزيد بن عبد الملك حيث يقول" كان فاسقا، شريباً للخمر، منتهكاً لحرمات لله، أراد الحج ليشرب فوق ظهر الكعبة، فمقته الناس لفسقه وخرجوا عليه وقتلوه" أما الإمام الذهبى فيقول عنه "لقد اشتهر بالخمر والتلوط" أى الشذوذ، وتولى ابنه إبراهيم من بعده الخلافة لكنه لم يمكث فيها أكثر من سبعين ليلة حيث تم خلعه بعدما خرج عليه مروان بن محمد والذى لقب بمروان الحمار والذى عانى من كثرة الخروج عليه ولم يستطع مقاومة السفاح أول خلفاء بنى العباس حيث انهزم جيش مروان وفر إلى مصر وقتل بها، ثم قطعت رأسه ووضعت أمام أبي العباس السفاح لتنتقل الخلافة إليه بقوة السيف وبقهر الرجال وبالخروج عن الشرعية التى أقرت مائة عام هى فترة الحكم الأموى ويقول ابن كثير"كان السفاح سريعاً إلى سفك الدماء" وعندما تولى المنصور الخلافة بعده خرج عليه أحفاد الإمام الحسن فقتلهم جميعا ،وكان أبو جعفر المنصور قد سجن وعذب مجموعة من العلماء الذين تعاطفوا مع آل البيت ومن بين هؤلاء سفيان الثورى وأبى حنيفة النعمان، وقد أفتى الإمام مالك بجواز الخروج على المنصور فاعترض الناس عليه وقالوا له فى أعناقنا بيعة له، وقد خلع المنصور عمه عيسى من ولاية العهد وولى ابنه المهدى الذى تزوج من جارية تدعى الخيزران فأنجبت له الهادى والرشيد، وكانت امرأة قوية بيدها مقاليد الحكم، فدنت أهلها من الوزارة وباتت أسطورة من أساطير التاريخ تماما كابنها هارون الملقب بالرشيد والذى اختلف حوله التاريخ وحكى لنا عن ورعه ودماثة خلقه وحكى لنا أيضا عن سهراته الماجنة حيث الشعر والغناء والجوارى، وحكى لنا التاريخ أيضا عن قراره بالقبض على الإمام الشافعى وترحيله من اليمن إلى بغداد لوشاية من أحد عماله هناك، أما ولده الأمين فيقول عنه السيوطى "كان سيئ التدبير، كثير التبذير، ضعيف الرأى، أرعن،لا يصلح للإمارة" وقد خرج عليه شقيقه المأمون وحاربه وحاصره خمسة عشر شهرا ثم دخل عليه بعض جنود المأمون فضربوه بالسيف وذبحوه وذهبوا برأسه إلى قائد جيش المأمون فوضع رأسه فى حديقة ببغداد ونودى: هذا رأس المخلوع ثم سحلت جثته بحبل وطافت شوارع بغداد وسط هتافات الأطفال" هذا هو المخلوع" أو بالعامية المصرية"المخلوع أهو" لتنتقل الخلافة الى أخيه المأمون بانقلاب دموى صريح، والمأمون لمن لا يعرف هو ابن الرشيد من جارية تدعى مراجل وقد ماتت أثناء ولادته وهو ليس ابن زبيدة الزوجة الأشهر لهارون، وكان المأمون فصيحا مفوها يميل إلى التشيع لدرجة أنه قرر فجأة خلع شقيقه المؤتمن من ولاية العهد وتعيين على الرضا بن موسى الكاظم حفيد الإمام جعفر الصادق من نسل الحسين رضى لله عنه، وقد أغضب هذا القرار آل العباس فقرروا خلع المأمون وتعيين ابن عمه إبراهيم بن المهدى خليفة للمسلمين وبالفعل بويع إبراهيم بن المهدى من أهل بغداد والكوفة وكان آل العباس يقدمون مائة درهم هدية لكل من يبايع إبراهيم فتسابق العامة والفقراء على مبايعته وأعلنوا أن غالبية أهل العراق قد بايعوا إبراهيم وعلى المأمون أن ينصاع للشعب بالتنحى لكنه رفض وقرر القتال فصارت فتنة جديدة بين المسلمين الذين تقاتلوا فيما بينهم حتى نجح المأمون فى الفتك بمن انشق عليه من الجيش وفر إبراهيم بن المهدى هاربا ولم يظهر مرة أخرى، وانتهى خلاف المأمون مع عائلته بالموت المفاجئ لولى عهده – سبب المشكلة - على الرضا، ولكن المأمون لم يرضه استقرار الأمة فدخل فى معركة فكرية وفلسفية هى الأخطر فى تاريخ الخلافة الإسلامية حتى الآن وذلك حين طلب لقاء علماء زمانه ليبلغهم بأنه اكتشف أن القرآن مخلوق فلما رفض العلماء ذلك حبسهم وجلدهم وكان من بينهم الإمام أحمد بن حنبل الذى تمسك برأيه وهو أن القرآن هو كلام لله وليس مخلوقا لأن كل مخلوق يموت بينما المأمون كان يستدل على خلق القرآن بقول لله تعالى " إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ " وجعلناه تعنى خلقناه وهكذا ابتدع المأمون.. وللحديث بقية.