استوقفتنى تلك الطفرة الهائلة التى تحققت مؤخرًا فى مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة فى مصر وأسعدنى فى هذا ال

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

د.حسن راتب يكتب: الطاقة الجديدة والمتجددة.. « الحصان الرابح » لمصر فى المستقبل

د. حسن راتب - صورة أرشفية   الشورى
د. حسن راتب - صورة أرشفية


استوقفتنى تلك الطفرة الهائلة التى تحققت مؤخرًا فى مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة فى مصر وأسعدنى فى هذا الشأن تلك النتائج الإيجابية التى ظهرت بشكل واضح وصريح فى احتلال مصر لمراكز متقدمة فى المؤشرات الدولية للطاقة الجديدة والمتجددة، حيث تحسن وبشكل لافت للنظر ترتيب مصر فى مؤشر تغير المناخ لتحتل المرتبة 24 العام الحالى مقارنة بالمرتبة 28 للعام الماضى وليس هذا فحسب بل تمثل ذلك أيضًا فى احتلال مصر المركز الـ 32 عالميًا، والمركز الثالث فى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وذلك وفق مؤشر تنظيم كفاءة الطاقة الجديدة والمتجددة بالتنافسية العالمية.

وفى مشربنا فإن لكل فرع أصلا ولأى مقدمات نتائج وهو ما نراه بشكل ملموس فى تحسن ترتيب مصر أيضًا بمؤشر الطاقة المتجددة الصادر عن البنك الدولى لعام 2017 والذى تضمن رصدًا دقيقًا لترتيبات الدول فى هذا المجال خلال 7 سنوات، فنجد مصر قد أصبحت من أفضل 36 دولة على مستوى العالم بمقدار تحسن 10 نقاط من 58 إلى 68 نقطة  ففى هذا الصدد استطاعت مصر تنفيذ 8 مشروعات فى مجال الطاقة المتجددة فى الفترة من 2014 إلى 2019، أبرزها مشروع بنبان لإنتاج الطاقة الشمسية، بتكلفة 2 مليار دولار، وبقدرة إنتاجية 1465 ميجاوات، وهو المشروع الذى يضم 32 محطة لتوليد الكهرباء فيما بلغ إجمالى القدرة الإنتاجية لمحطة جبل الزيت لطاقة الرياح 580 ميجاوات بتكلفة بلغت 12 مليار جنيه فضلًا عن مشروع محطة قناطر أسيوط الجديدة بقدرة إنتاجية 32 ميجاوات بجانب تنفيذ 3 محطات طاقة شمسية بقرى سيوة والوادى الجديد والبحر الأحمر  بتكلفة 60 مليون يورو وبإجمالى قدرة إنتاجية 30 ميجاوات.

وهنا أود الإشارة إلى أن  الطّاقة تعد مكونًا أساسيًا من مكوّنات الكون، وتعد من أحد أشكال الوجود. وتُشتقّ الطّاقة عادةً من مصادر طبيعيّة وأخرى غير طبيعيّة، لذلك تقسم إلى نوعين رئيسيين، وهما: الطاقة المتجدّدة، وهى التى تعتمد على المصادر الطبيعيّة، وأخرى غير متجدّدة، وتعتمد على مصادر غير طبيعيّة، لكنّها تشكّلت مع الزّمن وتحت تأثير مجموعة من العوامل. وجميع أنواع هذه الطّاقة تستلزم وجود آليات، وأدوات، وتقنيّات خاصّة لاستخلاصها، وتسخيرها لصالح الإنسان.

وفى سياق متصل فإن  أبرز الإشادات الدولية بمشروعات الطاقة المتجددة فى مصر، يمكن أن  نضع أيدينا عليها بشكل كبير فى تقرير كلايمت سكوب للعام الحالى 2019 والذى يشير إلى أن  «مصر هى ثانى أعلى معدل تدفقات فى الطاقة النظيفة فى العقد الماضى» وكذلك إشارة الوكالة الدولية للطاقة المتجددة إلى أن  المرحلة الحالية من نشر الطاقة المتجددة فى مصر، وفرت 6 آلاف وظيفة مباشرة وغير مباشرة عام 2018، فضلًا عن إشادة «البنك الدولى»  بمحطة بنبان، مشيرًا إلى «أنها ستساهم فى إمداد مصر بالطاقة النظيفة اللازمة لتحقيق النمو الاقتصادى المستدام»، وأخيرًا إشادة  «بيرنى ساندرز»  عضو مجلس الشيوخ الأمريكى بما قامت به مصر من بناء مصر لأكبر محطة طاقة شمسية فى العالم وسط الصحراء مؤكدًا على أن  ذلك يعد ثروة تكنولوجية يحتذى بها فى تحقيق نمو اقتصادى يضمن للأجيال القادمة حقها.

 ولفت انتباهى فى هذا الصدد ذلك الانفوجراف الذى نشره المركز الإعلامى لمجلس الوزراء وسلط من خلاله الضوء على الطفرة الكبيرة والهائلة فى مجالات الطاقة المتجددة فى مصر معلنًا  عن زيادة إجمالى إنتاج الطاقة المتجددة بنسبة 76% خلال الفترة من يوليو 2014 حتى يونيو 2020، لتصل إلى 5800 ميجاوات/ ساعة .

ورصد الإنفوجراف أنه من المستهدف إنتاج 20% من إجمالى الكهرباء من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة بحلول عام 2022، وكذلك مستهدف إنتاج 42% من إجمالى الكهرباء من مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة بحلول عام 2035 كما ألقى هذا الإنفوجراف الضوء على الخطوات التى سيتم الاعتماد عليها من أجل تحقيق استراتيجية الطاقة المتكاملة والمستدامة 2035 حيث تم تخصيص أراض لإقامة مشروعات طاقة متجددة فى عدة أماكن لتحقيق الاستقلال الاقتصادى والسياسى حيث تعد الطاقة الجديدة والمُتجددة جيدة للحفاظ على الاقتصاد المحلى، إذ أن  الاعتماد على الوقود المستورد يؤدى إلى الالتزام بتنفيذ سياسات قد تؤثر على التزامات  الدولة تجاه علاقاتها الخارجية أمّا الطاقة المتجددة المتمثّلة فى طاقة الرياح والشمس والماء والمواد العضويّة فتتواجد فى كافّة أنحاء العالم وليس فى مناطق محددة كما هو الحال بالنسبة للوقود المستورد، والاعتماد عليها يُقلّل من الحاجة للوقود، ومن الناحية الأخرى، فالطاقة المتجددة بحاجة إلى أيدى عاملة أكثر مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى التى تعتمد فى غالبيتها على التكنولوجيا، حيث سيكون هناك عمال لتركيب الألواح الشمسيّة وفنيون لصيانة مزارع الرياح وغيرها من الوظائف التى تزيد فرص العمل. إلى جانب أنها تتميز أيضًا بالأسعار المنخفضة حيث تشهد الطاقة المُتجددة انخفاضًا مستمرًا فى التكاليف هذا بالرغم من التقدّم الذى يحدث فى تطويرها، حيث أصبحت المعدّات المستخدمة فيها أكثر كفاءة وأصبحت التكنولوجيا والأعمال الهندسيّة أكثر تطوّرًا أيضًا فى هذا المجال، هذا بخلاف الغاز، والوقود التقليدى، ومصادر الطاقة الأخرى التى رغم ميزاتها إلّا أنّها تتسم بتقلّب الأسعار بشكلٍ دورى وتأتى مسألة تحسين الصحة العامة فى مقدمة ما يميز الطاقة الجديدة والمتجددة حيث تؤدى محطات الفحم والغاز الطبيعى إلى تلوّث الهواء والماء، الأمر الذى يُؤدى إلى حصول العديد من المشاكل الصحيّة كاضطرابات التنفس والمشاكل العصبيّة والنوبات القلبيّة والسرطان، والوفاة المبكرة وغيرها من المشاكل الخطيرة وهنا نضع ايدينا على مسألة مهمة وهى  أن  غالبية هذه الآثار الصحية السلبية الناتجة عن تلوّث الماء والهواء لا تنتج عن استخدام تقنيات الطاقة الجديدة والمتجددة إذ أن  أنظمة الرياح والطاقة الشمسيّة  والطاقة الكهرومائيّة تعمل جميعها على توليد الكهرباء دون أى انبعاثات مسببة لتلوث الهواء ورغم أن  بعض أنواع الطاقة المتجددة يمكن أن  يسبب تلوثا؛ كنظم الطاقة الحراريّة الأرضية، والكتلة الحيوية، إلا أن  إجمالى الانبعاثات المسببة للتلوث فيها عمومًا أقل كثيرًا من إجمالى الانبعاثات الناتجة عن محطات توليد الطاقة التى تستخدم الفحم والغاز الطبيعى،  كما أن  طاقة الرياح والطاقة الشمسية لا تتطلب وجود المياه أصلًا وبالتالى فإنها لا تلوّث موارد المياه أو تستهلك الإمدادات اللازمة للزراعة أو للشرب أو غيرها من الاستخدامات وقد أظهرت الدراسات العلمية التى أجريت فى هذا الشأن أن  إجمالى استهلاك المياه وسحبها فى الكتلة الحيوية والطاقة الحرارية الأرضيّة سينخفض بنسبة 80% بحلول عام 2050م. وفى إطار سردنا لمميزات الطاقة الجديدة والمتجددة نجدها تتميز بأنها غير قابلة للنفاد مقارنة بمصادر الطاقة الأخرى كالفحم والغاز والنفط وهذا يعنى أنّها متاحة دائمًا، مثل: الشمس التى تُنتج الطاقة وتندرج ضمن الدورات الطبيعية وهذا الأمر يجعل الطاقة المتجددة عنصرًا أساسيًا فى نظام الطاقة المُستدامة الذى يعد قابلًا للتنمية والتطوّر دون المخاطرة، أو إلحاق الضرر بالأجيال القادمة.

والحق يقال فإن مصر تؤدى دورًا جوهريًا فى أسواق الطاقة الإقليمية والعالمية. ويرجع ذلك على الأرجح إلى قرب موقعها الجغرافى من مفترق طرق التجارة الدولية للبترول والغاز إضافة إلى كونها تسيطر على طريقين رئيسيين هما قناة السويس وخط أنابيب البترول «سوميد». كما تتسم مصر باتساع أراضيها وطقسها المشمس وارتفاع سرعة رياحها مما يجعلها موردًا رئيسيًا لثلاثة مصادر للطاقة المتجددة: الرياح والطاقة الشمسية والكتلة الحيوية. فكما هو واضح الان تعد مصر إحدى دول منطقة الحزام الشمسى التى تعتبر الأكثر ملاءمة لأجهزة توليد الطاقة الشمسية. ويكشف أطلس شمس مصر أن  معدل الزيادة فى الطاقة الشمسية يتراوح بين 9-11 ساعة فى اليوم مما يوفِّر فرصا استثمارية فى مختلف مشروعات الطاقة الشمسية.