العالم ينتفض ضد الإرهاب ودور أهل العلم أن يتصدوا للتطرف نستفيد من الأقدمين فى الإفتاء ولا نلتزم بمسائ

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

الدكتور شوقى علام يتحدث لـ"الشورى" ويجيب عن الاسئلة المسكوت عنها فى الدين والسياسة

جانب من الحوار   الشورى
جانب من الحوار


العالم ينتفض ضد الإرهاب ودور أهل العلم أن يتصدوا للتطرف

نستفيد من الأقدمين فى الإفتاء ولا نلتزم بمسائل واقعهم

الاجتهاد الفقهى وتجديد المفاهيم ضرورة العصر

التجديد خادم للدين وليس هادمًا له

التجديد فى مجال الفقه يزداد اتساعًا كلما تقدم الزمن

دعوات اتهام التجديد بالتبديد دعوات ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب

رفض التجديد يصور الدين بالانغلاق ومعاداة التطور

مهمة المرصد رصد الفتاوى المتشددة والرد عليها

توسع التطرف والإرهاب يمثل مؤامرة على الإسلام

الفتاوى الشاذة سببها الجماعات الإرهابية.. والتطرف أساسه تحريف النصوص

الممارسات المنحرفة التى تمارسها الجماعات جعلتنا ننهض بأمر الفتوى

التطرف يعتمد المنهج الحَرفى للنصوص دون التعمق فى فهم معانيها

الفتاوى المتطرفة تُربك المشهد داخل المجتمعات المسلمة

فوضى الفتاوى فتحت الباب أمام سماسرة التطرف للنفاذ للواقع

الفتوى العصرية تحتاج إلى مجامع فقهية لأهل الاختصاص

اللجوء إلى أهل الطب والاقتصاد والسياسة واجب قبل إصدار الحكم الشرعى

مؤتمر هذا العام به ستة محاور: فقه النوازل، تجديد الفتوى، حقوق الإنسان، المستجدات الطبية، المستجدات الاقتصادية، الشأن العام والدولة

 تصدينا للفتنة الطائفية ورصدنا وجود 5 آلاف فتوى لهدم الكنائس

النسيج الوطني المصري فريد ولا يستطيع أحد أن يقطعه

هل نحتاجُ حقيقة لمفاهيم التجديد؟ وهل التجديدُ الذى نقصده اجتهادٌ وتنقيبٌ وتوضيحٌ لفهم النص، أم هو تبديدٌ ضائعٌ فى الهواء؟ ولماذا سمعة التجديد عندنا مشوهة ممقوتة تحمل نيات التشكيك وازدراء الأديان والتغريب والاستشراق والتبديد؟

هذا ما طرحناه في حوارنا مع الدكتور شوقى علام، مفتى الجمهورية بمناسبة  مؤتمر "التجديد في الفتوى بين النظرية والتطبيق" والذي ستعقده الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم  ودار الإفتاء المصرية منتصف أكتوبر القادم ، وإلي نص الحوار :

 

*فضيلة الشيخ قضية التجديد باتت سيئة السمعة في ظل مناخ يري هذه الدعوى  تبديدا واختراقا لمفاهيم الدين الأصلية كيف ترى فضيلتكم هذا الأمر؟

-تجديد الخطاب الديني لا يعني اختراق المفاهيم والأصول، ولكن المقصود منه أن نأخذ من المصادر الأصيلة للتشريع الإسلامي ما يوافق كل عصر باختلاف جهاته الأربع "الزمان والمكان والأشخاص والأحوال"، بما يحقق مصلحة الإنسان في زمانه، وفي إطار من منظومة القيم والأخلاق التي دعا إليها ورسخها الإسلام.

والهدف من التجديد هو تحديث الأدوات والآليات التي تعمل بشكل منضبط ووفق ضوابط معينة لكي نستطيع من خلالها الوصول إلى خطاب ديني رشيد، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ترك للصحابة الكرام رضوان الله عليهم مساحة للاجتهاد ودربهم تدريبًا عمليًّا على الاجتهاد حتى يستطيعوا مواجهة الحياة وتغيراتها من بعده، ومن عظمة الإسلام أنه يحمل بين طياته المنهج والأدوات التي تجعله صالحًا لكل زمان ومكان، لأنه جاء شاملًا لثوابت لا تتغير، وهي تُعد الإطار القوي الذي يحافظ على هوية المسلم لنفسه ولمن حوله من الكون، نستفيد من مناهج السلف الصالح فيه، لأنها مبنية على اللغة والعقل وقواعد تفسير النصوص، ولكن في نفس الوقت لا نلتزم بمسائلهم التي ارتبطت بسياق واقعهم وقتها.

*البعض يري التجديد باعتباره وافدا من الغرب والبعض يراه ضد الأصول القديمة التي رعاها الأولون.. كيف نتعامل مع هذه الإشكالية ؟

-المشكلة الكبرى عند ذوي الفكر المتشدد والمنحرف أنهم يحاولون توسيع دائرة الثوابت بغير حق حتى يضيقوا على الناس دينهم ودنياهم فيسهل عليهم تبديعهم وتفسيقهم وصولًا لتكفيرهم، بل ينحرف فكرهم إلى استباحة دمائهم.

ولا شك أن تجديد الخطاب الديني بما يسهم في البناء والتنمية والعمل على نشر المفاهيم الصحيحة للدين الإسلامي، من شأنه نبذ كافة مفاهيم الهدم والتطرف والتي لا تساعد على تحقيق أطر التقدم للبلاد، فالفهم الصحيح للإسلام وعرض مفاهيم الدين والأخلاق على الناس بصورة صائبة في ترسيخ قيم التسامح والإخاء وإعلاء مفاهيم المواطنة.

 *نالت قضية تجديد الفقه بعض أولويات العلماء في عصرنا، لماذا نطرح  قضية تجديد الفتوى وهي في الأساس مسألة متجددة ؟

-فوضى الفتاوى الشاذة والتكفيرية نالت من استقرار المجتمعات الإسلامية، وتسبب تصدر غير المختصين للفتوى في حالة فوضى ضاربة، تزامنت مع ارتفاع حدة العمليات الإرهابية والأصوات المتطرفة، وبما أن الاجتهاد في كل عصر فرض، فهذا يدل على أن الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص لذا أصبح أمر تجديدها ضرورة.

 وجاء في كتاب الملاحم لأبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يبعث الله على رأس كل مائة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها" ، وقضية التجديد هي قضية محورية لازمة للمجتمعات وتشهد تطورًا دائمًا على مدار الساعة لملاحقة التغييرات المتتالية، ومن ثم لابد من إيجاد العقل المنضبط الذى يعالج هذا التغيير في إطار الأصول الشرعية، واللجوء إلى أهل التخصص يحل هذه الإشكالية ، فالاجتهاد الفقهي وتجديد المفاهيم والمصطلحات ضرورة من ضروريات العصر والعمل العلمي التي يتعامل بها الفقيه مع النصوص الشرعية من حيث إنزالها على واقع الناس في البلاد المختلفة والأحوال المتنوعة.

نحن مطالبون بوضع حلول لكل المشكلات التي تضع وفق تطور المجتمعات، والعصر أفرز الكثير من المشكلات، كما أن توسع جماعات التطرف والإرهاب على النحو الذى رأيناه في السنوات الأخيرة يمثل مؤامرة على الإسلام ذاته وساهم في انتشار الفتاوى الشاذة والمتطرفة، وأصبح ينظر إلى المسلمين في العديد من بقاع العالم بأسره نظرة سلبية، رغم أن الدين الإسلامي براء من كل الممارسات المنحطة التي تمارسها الجماعات الإرهابية الامر الذى يستلزم النهوض لأمر الفتوى من جديد.

*البعض يهاجم رجال الدين باعتبارهم مقصرين في قضية التجديد والتوعية والتنوير..  كيف تري ذلك ؟

-رجل الدين عليه أن يضبط مسار الحركة إذا ما اعوج عن منطق ومنظومة الأخلاق ويعيده إلى توازنه مرة أخرى، كما أن عليه تهيئة الفرصة لهذه الأجيال الجديدة لبناء مستقبل ينعم فيه الجميع بالأمن والسلام والاستقرار، ذلك لأن ضياع هيبة العلماء عامة، وعلماء الدين على وجه الخصوص، يدفع بغير المؤهلين والمتخصصين والمتعمقين في العلوم الشرعية إلى صدارة المشهد الدعوي، مما يحدث ضبابية، لدى الناس.

والعلماء الحقيقيون هم الذين يبنون أفكارهم على قواعد علمية صحيحة، واستعادة هيبة العلماء تكون من خلال إسناد الأمر إلى أهله، والتمكن من العلم والتعمق في الاختصاص والتبصر في معالجة القضايا، من حيث إنه لا بد أن تركن هذه المعالجة إلى قواعد علمية منضبطة، وبغير ذلك نكون عشوائيين في المعالجة.

فالإعلام عليه مسئولية كبيرة في معالجة ذلك، وكذلك الدراما الهادفة، حتى نصل إلى بر الأمان في الأمن الفكري، بخاصة في تلك الفترة الحرجة التي تمر بها البلاد، من خلال عرض العلماء المتخصصين المتعمقين في الفكر على الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة، وإلا فنحن نكون كمن يحرث في الماء.

 *هل نحتاج أكثر لمفاهيم التجديد في الفقه أم في الفتوى ؟

-نحن بحاجة ماسة إلى تجديد الفتوى، فلا يخفى علينا أن جزءًا كبيرًا من فوضى الفتاوى سببها أن الذين تصدروا المشهد للفتوى ليسوا من أهل الفتوى وغير مؤهلين علميًّا أو تدربوا تدريبًا حقيقيًّا يؤهلهم لتصدر المشهد، فمن يقوم على الإفتاء ينحصر دوره في بيان الحكم الشرعي فقط، ويخبر عما استنبطه من أدلة المشرع، لذا يأتي مؤتمر الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، منتصف أكتوبر هذا العام ليحمل عنوانًا هامًّا لقضية التجديد "تجديد الفتوى بين النظرية والتطبيق".

قضية المؤتمر ستكون معنية بإرشاد المستفتين إلى ضوابط وقواعد للعيش في زمانهم مستفيدين بسَنَّة سلفهم، مستمتعين بما يوصلهم إلى ما تكرر وتردد كثيرًا في تراثنا من أن ثمرة علومنا ومعارفنا هي سعادة الدارين، وعلى قدر عظم الموضوع الذي يحمله هذا المؤتمر، فسوف يجتهد المؤتمرون بأرض الكنانة لإعطاء المقاصد والأهداف على قدر المستطاع، ومن المنتظر عقد ورش عمل خلال المؤتمر تناقش وضع ميثاق عالمي جامع للفتوى ، ومؤشر عالمي للفتوى، وكذلك  صياغة منهج دراسي للفتوى" بغية الحوار وتبسيط المفاهيم ، ويحدونا الأمل أن نحقق النتائج المرجوة دون سطحية ولا تخوف.

*الفتوى الشاذة والرأي كيف نفرق بينهما في مجالات الدعوة الإسلامية؟

-هناك فرق كبير بين الفتوى والرأي، فالفتوى لا تقف عند القول فقط ولكن لها ضوابط وآثار كبيرة في المجتمع، والفتاوى الشاذة والمتطرفة والخارجة عن المألوف تربك المشهد وتسبب الكثير من الاضطرابات داخل المجتمعات، لما لها من تأثير كبير على حياة الناس، لذا نحن بحاجة شديدة إلى ضرورة تنظيم الفتوى وقصرها على المختصين، حتى لا تستمر هذه العشوائية التي تسعى إلى تغيير المستقر وإنكار المجمع عليه، و تلك المنهجية كانت متأصلة في تلقي الصحابة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فعندما جاءت جدة توفي حفيدها إلى سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله عنه تسأله عن الميراث، قال لها: "ما لك في كتاب الله شيء، وما علمت لك في سنَّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم شيئًا، فارجعي حتى أسأل الناس"، فسأل الناسَ، فقال المغيرة بن شعبة: حضرت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أعطاها السدس، فقال أبو بكر: هل معك غيرك؟ فقام محمد بن مسلمة الأنصاري فقال مثل ما قال المغيرة؛ فأنفذه لها أبو بكر الصديق.

ولا يغيب عنا أن صناعة الفتوى هي واحدة من أجلِّ المهام التي تقوم بها المؤسسات الدينية الرسمية المعتمدة مثل دار الإفتاء المصرية، وتصدُّر غير المتخصصين للإفتاء ممن لا يملكون ما يكفي من المعرفة الدينية الصحيحة، يعد واحدًا من الظواهر التي قد تفسِّر السبب الأهم لانتشار التطرف والفتاوى المتطرفة؛ وفوضى الفتاوى فتح الباب أمام التفسيرات المتطرفة التي لا أساس لها في الإسلام؛ بل هي نتاج بيئات مضطربة اعتمدت تفسيرات مشوهة ومضللة للإسلام بهدف تحقيق مكاسب سياسية بحتة ليس لها أي أساس ديني.

 وهؤلاء يعتمدون المنهج الحرفي للنصوص الدينية، ومن أجل هذا نخوض حربًا فكرية ضد هذه الأيديولوجيات والمعتقدات المشوهة، ومواجهة تلك التفسيرات المقززة للنصوص الدينية، وعمدت دار الإفتاء المصرية إلى تفكيك الأفكار المتطرفة عبر عدة آليات وطرق بعضها إلكتروني والبعض الآخر عبر إصدار الكتب والمقالات التي نشرت، بالإضافة إلى المشاركة في العديد من المؤتمرات الدولية لمكافحة الفكر المتطرف والأيديولوجية المنحرفة.

ودشنا مرصدًا لرصد وتفكيك الفتاوى المتطرفة والآراء الشاذة للجماعات الإرهابية، وقد أصدر المرصدُ العديدَ من الفتاوى المضادة التي كشفت عن التعاليم الصحيحة والسمحة للدين الإسلامي، وأكَّدت أن تلك الأيديولوجيات المتطرفة الشاذة بعيدة عن تعاليم الإسلام الحقيقية نصًّا وروحًا على حد سواء.

*تأثيرات الفتوى الشاذة باتت خطيرة كما تفضلت فضيلتكم على المجتمعات الإسلامية كيف نواجه هذه الفتاوى؟

-الفتاوى الشاذة والمنحرفة هي أحد أسباب ما يمر به العالم من إرهاب، فلتلك الفتاوى بالغ الأثر في تهديد الأمن والسلم، وإذا كان العالم ينتفض لمحاربة الإرهاب، فإنه ينبغي على أهل العلم أن يصدوا الأفكار المتطرفة ونشر تعاليم ديننا السمحة، كما ينبغي على أهل العلم أن تتوحد كلمتهم في شأن مكافحة الإرهاب ومحاصرة الفتاوى الشاذة المضللة التي تؤدي إلى بلبلة في مجتمعاتنا، لأن إثارة الفتاوى الخارجة عن النطاق والمألوف ليس لها واقع في الحقيقة وتربك المشهد الآن، خاصة وأننا في حاجة إلى بناء إنسان له دور في الحياة من كافة النواحي ولا يصح أن نربكه بمسائل خارجة عن النطاق، ومناقشة الفتاوى غير المألوفة تأخذ حيزًا من التفكير والنقاش فيما لا يفيد الإنسان.

كما أن المشكلات المتعلقة بإصدار الفتاوى لم تعد بسيطة كما كانت في البداية بل إن الأمر يتطلب بذل جهد كبير لحل المشكلات المعاصرة، فبعض القضايا يحتاج إلى مجامع علمية ونقاش علمي على مستويات عديدة وليس فقط على مستوى إصدار الحكم الشرعي بل قد نحتاج إلى اللجوء إلى أهل الاختصاص من أهل الطب أو الاقتصاد أو السياسة في مسألة ما .. لحل القضية، ومن ثم يجب على من يتصدر للشأن الإفتائي أو الدعوي على وجه العموم أن يكون فقهي المآلات، بمعنى النظر إلى الآثار المترتبة في المستقبل من وراء الفتاوى وما تحققه من نتائج سواء أكانت إيجابية أو سلبية.

وأتمنى أن تسود ثقافة دينية في الأوساط العلمية والثقافة لدى المستفتي، والعمل على التحذير من خطورة الفتوى والإحجام عنها وعدم الإقدام عليها، إلا إذا كان هناك تأهيل خاص وتمكن من الفتوى.

*سمعة التجديد سيئة ويقارنها البعض بالتبديد، كيف نجدد سمعة التجديد والنظرة المفاهيمية  للإسلام؟

-قلة من بعض الاتجاهات ترى في التجديد صورة سلبية باعتباره ممثلاً لدعوات الغرب في هدم الإسلام من خلال بوابة التجديد؛ وهذا أمر عارٍ تمامًا عن الصحة؛ بل العكس هو الصحيح فالتجديد خادم للدين وليس هادمًا له، لأن التجديد في مجال الفقه يزيده اتساعًا وقبولاً للقضايا المستحدثة والمعاصرة,

 التجديد يدحض شبهات البعض الذين يرون في الفقه الإسلامي أنه متجمد وصلب ولا يواكب القضايا العصرية، ولعل الرؤية الجديدة في تناول التراث من باب التنقيح وإعادة البناء وفق أطر ثابتة وقوانين صحيحة يسهم بشكل كبير في توسيع دائرة الاستفادة من التراث الإسلامي.

هذه الدعوات التي تتهم التجديد بأنه تبديد ما هي إلا دعوات ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب لأنها لا تريد للأمة خيرًا، وتريد أن تنغلق على أفكارها وعلى أن يصور الدين بالانغلاق ومعاداة التطور.

*نريد من فضيلتكم أن تحدثنا عن مؤتمر هذا العام بشيء من التفصيل حول عنوانه وأهم محاوره؟

-مؤتمر هذا العام هو المؤتمر الرابع الذى تعقده "الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم" التابعة لدار الإفتاء المصرية، تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، ويحمل عنوانًا لقضية التجديد في الفتوى، ومن المنتظر أن يشارك فيه وفود من أكثر من ستين دولة من مختلف قارات العالم، والمؤتمر سيكون مرآة صادقة لأهمية التجديد في مجال الإفتاء، لأن معيار حركة التجديد الإفتائي لا يظهر في مجال كما يتجلى في صحة الفتوى في المستجدات والنوازل المعاصرة.

كما سيناقش المؤتمر  عددًا من القضايا المعاصرة والهامة التي تشمل المستجدات الحادثة في مجالات مثل الاقتصاد والسياسة والاجتماع والفضاء الإلكتروني.

ويشتمل المؤتمر على عدة محاور، المحور الأول يختص بمناقشة "الأصول المنهجية لفقه النوازل، أما المحور الثاني فسيناقش "الأصول المنهجية للتجديد في الفتوى، والثالث " ضوابط الإفتاء في قضايا حقوق الإنسان، والرابع يتحدث عن " ضوابط الإفتاء في المستجدات الطبية" ، كما يتحدث الخامس عن " ضوابط الإفتاء في المستجدات الاقتصادية" ، ويشمل المحور السادس والأخير " ضوابط الإفتاء في قضايا الشأن العام والدولة.

*هناك بعض الفتاوى المتخصصة والتي تتعرض لأمور طبية واقتصادية تتسبب في حالة من الجدل من نقل الأعضاء والقتل الرحيم والتعامل بعملات البتكوين وغيرها من الأمور .. كيف سيتعرض المؤتمر لهذا الأمر؟

-أجندة المؤتمر تحمل محاور هامة تتعرض جميعها لكافة هذه القضايا ، وسوف نناقش ضوابط الإفتاء في المستجدات الطبية، مثل قضية نقل وزراعة الأعضاء، وقضايا التلقيح -تأجير الأرحام -الإجهاض -وتنظيم النسل أو منعه، أحكام الحيض والصيام والتجميل، وعيوب رد النكاح، والتداوي بالمحرمات... إلخ ، وعلى الصعيد الاقتصادي فسوف يتم تناول قضايا اقتصادية هامة من خلال محور "ضوابط الإفتاء في المستجدات الاقتصادية " ومن أمثلتها الإفتاء في المعاملات بين الموروث والنوازل الجديدة، الإفتاء في قضايا التسويق الشبكي، والإفتاء في معاملات أسواق الأوراق المالية.

ومن المنتظر مشاركة عدد من الخبراء في الجلسات الخاصة بهذين المحورين بهدف الخروج بآليات ترشد البشر لما فيه صحيح الدين والحياة ، وتساعد العاملين في المجالين على اتباع النهج الرشيد.

*الفتنة الطائفية تضرب دولًا إسلامية وعربية عديدة بسبب بعض الفتاوى الشاذة والمتشددة والتي تعتمد على بعض الآراء والفتاوى التراثية التي صدرت قديمًا وفقًا لظروف معينة .. هل سيسعى المؤتمر لمناقشة هذا الأمر؟

-الظروف العصيبة التي يمر بها العالم نتيجة إصدار الفتاوى المضللة المنحرفة، تفرض على العالم أجمع الانتفاض لمحاربة الفكر المتشدد، وينبغي على أهل العلم أن يصدوا الأفكار المتطرفة ونشر تعاليم ديننا السمحة، توحيد كلمتهم بشأن محاصرة الفتاوى الشاذة المضللة، وهؤلاء ممن يعتمدون المنهج الحَرفي للنصوص الدينية دون التعمق في فهم معناها الحقيقي هم فتيل الفتنة ، حيث يتجاهلون قواعد الاستنباط العلمية وأقوال العلماء والجمع بين الأدلة الشرعية، كما أنهم يتجاهلون المقاصد العليا للشريعة الإسلامية مثل حفظ الأنفس والدين والعقل والعرض والمال التي صدرت الأحكام الإسلامية من أجل تحقيقها ودفع الضرر عن الناس في الدنيا والآخرة.

ومن أجل كل هذا، فقد كان لزامًا على دار الإفتاء المصرية أن تواجه هذا التهديد العالمي عبر إعلانها حربًا فكرية ضد هذه الأيديولوجيات والمعتقدات المشوهة، ومواجهة تلك التفسيرات المقززة للنصوص الدينية ، وقد أنشأت دار الإفتاء مرصدًا لرصد وتفكيك الفتاوى المتطرفة ، ورصدنا من خلال دراسة قام بها مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، كافة الآراء المكتوبة والمسموعة من الوسائل المختلفة، وكان من ضمن الفتاوى المتشددة وجود 5 آلاف فتوى لهدم الكنائس على مدار عدة سنوات يتم تداولها من وقت لآخر.

وتقوم دار الإفتاء بدور هام للحد من انتشار الفتوى من خلال إنشائها مركزا للتدريب للأشخاص الذين يريدون الإفتاء بشروط وضوابط محددة لمدة ثلاث سنوات، والشق الثاني يتم رصد تلك الفتاوى المتشددة والرد عليها.

كما نهدف في الأساس من خلال الأمانة العامة لدور الإفتاء إلى نشر قيم الإفتاء الحضارية في العالم، وترسيخ منهج الوسطية في الفتوى، إلى جانب حرصنا على تبادل الخبرات العلمية والعملية والتنظيمية بين دور وهيئات الإفتاء الأعضاء، وتقديم الاستشارات العلمية والعملية بهدف تطوير الأداء الإفتائي ودرء الفتن، والتجربة المصرية تجربة فريدة فالنسيج الوطنى بين جناحى مصر المسلمين والمسيحيين هو نسيج قوى ومتين لا يستطيع أحد أن يقطعه ما داموا فى رباط ووحدة.