الشاعر الكبير أحمد سويلم يتحدث لـ " الشورى ".. الوحدة العربية هى المنقذ الوحيد للوطن العربى

التراث العربى  معجم الشعر و الشعراء.. زادي وعشقي الاول والاخير.

علي أرصفة العبارة المجنحة وموانىء الكلمات المرفرفة نطوف في مغامرة جديدة مع صاحب فكر جديد واستثنائي يطرح المعتاد بطريقته فياخذ شكلا آخر للقصيدة حيث يقترب بها من المغاير بروح المغامر في آفاق المتاح والممنوع وكأننا علي موعد مع السفر نكابد الاشواق فارحين بعذاباتها وافراحها وضحكاتها وحنينها علي ارصفة العباره وموانيء الكلمات كان لنا هذا اللقاء مع الشاعر المصري العاشق لتراب الوطن العربي أحمد سويلم الذي حدثنا من مكنون عقله وقلبه بروح القصيدة ونبض الوطن.

** بداية .. حدثنا عن شغفك بالشعر والثراث العربي الأصيل ؟

 التراث العربي يسكن في قلبي ودمي ، بيني وبينه حاله من العشق الشديد واريد ان اقول: لايستطيع الانسان ان يتخلص من الارض وهي تحت قدميه والتراث هو الارض التي ننمو عليها ولايمكن ان ننكر جهود من سبقونا من الشعراء منذ العصر الجاهلي حتي اليوم لان هناك تراكمات هذا الابداع الادبي الكبير والذي يؤثر في الواقع المعاصر وجينات القدماء دائما توجد في المحدثين وفي الاجيال كلها فلا نستطيع ان نتخلص من ذلك او نتبرأ منه ولكن لكل جيل تجربته الخاصه التي يمكن ان يتميز بها عن الاجيال الاخري فهو يستفيد من القديم ويعطي افق للمستقبل من خلال تجربته والتراث ليس كله ايجابيا هناك مناطق سلبيه وعلي المبدع ان يمحص التراث بمعول الاختيار ويضع يده علي ايجابياته ويقدمه في ثوب عصري

** منذ متي بدأت حكايتك مع المسرح الشعري ؟

بداية المسرح الشعري يعد من اصعب الوان الابداع لانه يضع معادله صعبه امام المبدع  الا وهي كيف  يحدث توازنا بين لغه الدراما ولغه الشعر بحيث لاتطغي احداهما علي الاخري لاننا اذا انحازنا للشعر ونحن نكتب سيصبح شعر غناءي واذا انحازنا للدراما فلماذا نكتب الشعر؟! فلابد من وجود توازن بين هذا وذاك ولذلك لايقدر عليه الا القليلون.وحكايتي مع هذا الفن بدأت منذ سبعينيات القرن الماضي  حينما كتبت مسرحيه اخناتون ومن بعدها مسرحيه شهريار ثم الفارس ثم مسرحيه المعلوم المجهول. وكل مسرحيه تختلف عن الاخري في حل هذه المعادلة الصعبه فانا احاول في كل مسرحيه ان اعطي شكلا من اشكال التوازن الذي يمكن ان يحدث متعه للمتلقي وفي نفس الوقت حريص علي المقومات الفنيه للمسرح الشعري.

** كيف تسهم الاعمال المسرحيه في حل قضايا الطفل العربي ؟

بالتاكيد المسرح هو ابو الفنون لانه يشمل جميع الفنون نجد فيه الشعر ،الغناء ،الرقص ،الفن التشكيلي ،التمثيل, فلابد حينما ندخل الي مجال هذا الفن ان نتسلح له تسليحا جيدا وان نضع في اعتبارنا المتلقي اذا كان كبيرا او صغيرا فنعرض عليه القضايا التي تلائم مرحلته العمريه ونخاطب كل مرحله عمريه بما يناسبها من قضايا ومشكلات .. والطفل العربي حقيقة شغوف جدا بالتقنيات المسرحيه سواء العرائس ,التمثيل,الالوان,الابهار, الديكور, الرقص,فكل هذا يجذبه, ولكن لابد ان نراعي ان هذه الامور لاتصرفنا عن الهدف الذي من اجله نكتب المسرحيه, فمسرحية الليله الكبيره لصلاح جاهين لم تكتب للاطفال ولايفهمون شيئا منهاولكنهم مغرمون بها لتحريك العرائس, ولهذا اذا قصدنا ان نكتب للاطفال لابد ان يكون الموضوع مناسب للطفل لاننا نخاطب عقلية مختلفة تماما والتقنيات الفنيه لابد ان تكون بسيطه جدا ,سهله ,مرنه, قريبه من وجدانه وتقنعه كي يستوعبها وايضا الابهار لابد ان يكون بصري ولغوي فلابد ان نراعي كل الامور ونحن نتوجه للطفل.

** من الموهبه الشابه التي طمأنتك علي ان للابداع جيل يحميه؟

حقيقة هناك الكثير من المواهب التي تبهرني ولكني لا اتذكر موهبه بعينها, ومن بين ما اقوم به اكتشاف هذه المواهب في اماكن كثيره واحيانا يعرض علي اعمال لهم واشجعهم واعمل علي تطوير اعمالهم, والاجيال هذه حقيقة لها تجربتها الخاصه لابد ان نعترف بذلك قد أختلف معهم ولكني اقدر تجربتهم اوجههم ارشدهم اعطيهم بعض الملامح التي يمكن ان تفيدهم في ابداعهم ,وانا متفائل لان هناك الكثير من المواهب الشابه الموجوده بقوه علي الساحه الشعريه.

** كيف رأيت ثورات الربيع العربي وثوره الخامس والعشرين من يناير بالتحديد؟

كنت أحد المشاركين في هذه الثوره حيث كنت أذهب الي ميدان التحرير واكتب القصيده والقيها علي جمهور الحضور في الميدان بشكل دائم ,واصدرت ديوان اسمه (تراتيل الغضب) عبرت فيه عن كثير من هذه المشاعر التي عشتها في هذه الفتره, واصدقك القول ليس انا فقط من كتب عنها الكثير من الشعراء كتبوا عنها حيث انها كانت حدث مفاجىء للمبدعين كافه فاصبحوا يعبرون عنها تعبيرا مفاجئا او فيه شىء من الانفعال ربما لو كنا انتظرنا قليلا كان ابداعنا سيكون اكثر جوده ولهذا اصدرت في 2015 ديوان(مالم يقله السندباد) كتقييم لموقفي ولموقف المبدعين من ماحدث خلال الفتره الماضيه كلها بشكل فني يمكن ان يعبر تعبيرا صادقا عن هذه المرحله وعبرت فيه عن الثوره المصريه وثورات الربيع العربي ايضا.

** ما تقييمك للمشهد الثقافي.. وفي رايك كيف لنا ان ننهض بالثقافه العربيه؟

الثقافه دائما ترتبط بالواقع وتتحول بتحوله ويمكن ان نقول بانها ايضا مرآة لكثير من أحلام المثقفين لتغيير الواقع ولهذا فان الثقافه تعاني من ارتباك لان الواقع مازال غائما وليس واضحا وضوحا كاملا ولهذا فان الثقافه هنا تبحث عن مسارات اخري يمكن ان تواجه بها هذا الواقع,اما بالنسبه للابداع فهناك عوامل كثيره جدا جعلته متراجع لا اقول انه متراجع ولكنه ينتظر ان يحدث شيئا جديدا كي يعبر عنه فهو عبر كثيرا عن ثورة 25 يناير و30 يوليو لانها كانت اشياء واضحه ومستقره اما الان فنحن في حيره وهذا انعكس علي ابداع المبدع

وتوجد عوامل كثيره تجعل النهوض بالثقافه العربيه امر حتمي ولابد ان ننهض بها لان بدون وجود ثقافه تعبر عن هويه العربي وتكن بعيده عن المؤثرات الاجنبيه لن يستطيع الانسان ان يعيش الواقع جيدا ,والثقافه العربيه ليست في معزل عن الثقافات الاخري فالثقافه العربيه يوجد بها الهويه العربيه والتاريخ والارض ولكن الي جانب هذا لابد ان يكون هناك اختيار للثقافات الاجنبيه التي يمكن ان ترد الي الثقافه العربيه بحيث لاتؤثر سلبا وبهذا تصبح ثقافتنا شامله ومكتمله من الداخل والخارج.

** الي ماذا تفتقد الاسرة العربية في الوقت الحالي؟

تفتقد اهم شيء الا وهو التواصل بين الابناء والاباء فنحن تربينا ونشأنا علي نظام في الاسره وهو ان الاب والام يهتمان باولادهما, الاخت الكبري تحكي ,الجده تحكي لاحفادها حتي يشعر الطفل انه في اسره صحيه ثقافيا واجتماعيا ونفسيا.. اما الان فلا يوجد ذلك,لايوجد الجده الحكاءه ,الام والاب لايستطيعون التواصل مع الابناء, فالطفل اصبح يشكل وعيه ويأخذ ثقافته من الوسائل الالكترونيه الحديثه فقط او من التليفزيون وغيرهم من الامور المعاصره ولابد ان يوجد التواصل الذي يعطي مزيد من المحبه والاحترام والتقدير بين الكبار والصغار فلابد من وجود حوار ونقاش  في نطاق الاسره فكل هذا يعمل علي زيادة النضج وتنميه الفكر فشتان بين اسره تتناقش وتتحاور واسره كل انسان بها في وادي اخر ولايوجد حوار بينهما, ايضا ضعف الترابط الاسري كعلاقه الرحم والاخوه.

** كيف تري حركة النشربصفه عامه؟

أعتقد ان حركة النشر علي المستوي العربي لايوجد بها اي مشكلة, بينما في مصر هناك اماكن كثيره تنشر للشباب المصري والعربي كالهيئه العامه للكتاب وفيها اكثر من سلسلة قصور الثقافه , المجلس الاعلي للثقافه , حتي ولو لم يستطع الشاب ان ينشر في هذه السلاسل يستطيع ان ينشر علي نفقته الخاصه بأرخص الاسعار وهناك دور نشر تنشر للشباب اعمالهم ولكنها محدوده جدا واي كاتب الان يستطيع ان ينشر علي نفقته الخاصه دون صعوبه. ولكن هناك مشكله الا وهي الاغراق في نشر الاعمال وهذا اوجد مشكله فيما ينشر, فهناك اعمال كثيره جدا لاتستحق ان تنشر,ومع ذلك نشرت! وللأسف اي شخص الان مادام يستطيع ان يمول هذا العمل ويطبع مئة نسخه بحيث يصبح له ديوان او روايه او مجموعه قصصيه !!فاختلط الحابل بالنابل للاسف الشديد واصبحنا الان في حاجه الي فرز هذه الاعمال فرزا صادقا والقاء الضوء فقط علي ماهو جيد وممتاز, وحقيقة المبدع هو من يمتلك الاستمرار والاضافه الدائمه, فهو اذا استمر فقط دون اضافه اصبح مسطحا واذا اضاف دون ان يستمر اصبح تراثا,فلابد من وجود الاثنين معا ,فهناك الكثير ممن اكتفوا باصدار ديوانا او قصه او روايه وصمتوا لانهم لايمتلكون الموهبه الحقيقيه التي تجعلهم يستمرون ويضيفون.

** ماهو اقرب ديوان لقلبك ولماذا؟

كل دواويني ابناءي ولكن دائما مايكون آخر ديوان هو الاقرب للوجدان ,فاعتبر ديواني الاخير (مالم يقله السندباد) الاقرب الي ربما لانه يعبر عني وعن مرحلتي الحاليه اكثر من اي مرحلة اخري.

** ألفت (المرأه في شعر البياتي )حدثني عن ذلك.. وماذا تعني لك المرأه؟

المرأه تعني لي الكثير فهي كاءن مهم جدا فلا يستطيع الرجل العيش بدون امرأه والعكس, وأحترم في المرأة عقلها ,شخصيتها ,دورها الاجتماعي و دورها الثقافي ولايهمني ان تكون جميلة الجميلات وفارغه من الداخل لااستطيع ان اتعامل معها!! ولكني أتعامل مع المرأه التي استطيع ان اتحاور معها بالساعات ولا أمل من محاورتها.وهنا اذكر الشاعر(عبد الوهاب البياتي) وهو شاعرعراقي مرموق جدا وكان صديقا لي, فلاحظت ان كثير من النقاد يتحدثون عن شعره, البطوله في شعر البياتي ,التصوف في شعر البياتي, فتساءلت اين المرأه ؟! أليس هناك إمرأه في شعر البياتي؟! فكتبت هذا الكتاب وبدات من اول ماكتب البياتي لاخر لحظه, فوجدت ان المرأه موجوده بشكل واضح جدا في كل ما كتب تبدأ من العلاقه الثنائيه بين الرجل والمرأه وتنتهي لعلاقة العشق الالهي والفكره العامه والعظيمه للكون, وقد يتساءل البعض ماعلاقة الحب بين الرجل والمرأه بالعشق الالهي ؟! فبالطبع الحب بين الرجل والمراه اذا وصل لدرجة الفناء فكانه يفني في الكون وهذه نظره تصوفيه معروفه.

** فى رأيك كيف يمكننا القضاء علي بعض العادات والتقاليد المجتمعيه الظالمه للمرأه والتي تحد من حريتها؟

صعب التخلص منها مرة واحده ولكنه سيحدث بالتدريج, وعلي سبيل المثال: أنا أعتقد أن تمثيل المرأه في البرلمان المصري وأخذها لاكثر من ثلاثين مقعد يعتبر شيء غير مسبوق ولم يحدث في تاريخ مصرفهذا مكسب عظيم ,فهي الان لها كلمتها ورأيها ورؤيتها التي تعرضها وتفرضها وهذا يدل علي ان المرأه فعلا أصبح لها كيان ووجود حقيقي في كل مكان وأنها أستطاعت أن تنتزع حقها من الرجل بشكل جيد وهي واثقه من ذاتها وقدراتها ,وأنا أحترم المرأه التي تقوم بهذا الدور, ولهذا تجدي المرأه حينما تنتزع حقا يبطل ويختفي تقليد قديم,ولذلك لابد وأن تتمسك المرأه بحقوقها وتحارب من أجل حريتها وتقضي بإرادتها علي العادات والتقاليد التي تقيدها وتحجمها ,وأري أنه أصبح هناك توازن مجتمعي جيد ومساواة بين الرجل والمرأه.

** ما الدور الذي لعبه الحب في حياتك؟

أنا لم أعش يوما بدون حب..ولا أستطيع أن أكتب شعرا بلا حب ولا أستطيع أن أتعامل مع الناس بلا حب فهذا شعور إنساني طبيعي ولايمكن للشاعر أن يكتب قصيده إلا إذا كان هناك مثير وراءها سواء كان مثيرعاطفي ,واقعي, سياسي أو إجتماعي, فالحب هو العلاقه الطيبه بيني وبين الاخرين بيني وبين الأشياء أحيانا بيني وبين الماضي والحاضر والمستقبل بيني وبين كل مايمكن أن تتواصل معه حواسي, والإنسان بلا مشاعر لايستطيع أن يكون إنسانا ,و درجات الحب ومظاهره تختلف من علاقه لاخري سواء كانت علاقه مميزه اخوه ابوه بنوه أو علاقه عاطفيه.

** أما آن للعرب أن يتوحدوا لنصرة سوريا وفلسطين وإنقاذ الوطن العربي؟

هذا أملي... وأستطيع القول بأن الحل الوحيد لمشاكل العرب جميعا *الوحدة* فلابد من أن يتحدوا ,لابد من وحدة الافكار, الرؤيه ,الوحدة السياسيه والعسكريه ,فمن غيرها سيظل التفكك في الوطن العربي.

** هل تري أن الإعلام يقوم بالدور الذي ينبغي أن يقوم به تجاه الطفل العربي؟

الإعلام لايقوم بأي دور تربوي أو تعليمي أو تثقيفي ,فلايوجد برنامج يهتم بالطفل سواء في الإذاعات أو في التليفزيون، وهذا أسوأ شيء حاليا.. والعجيب أن لي حوالي خمسين مسرحية شعرية في التليفزيون المصري ولاتعرض أي واحدة منها! وللإسف حينما يخطأ برنامج ويستضيف طفل يكن طفل مأساة أو معوق أو مطرب وحينما يعدون لهم مسابقات تصبح في المجال الغنائي والموسيقي فقط كبرنامج المسابقات (The voice kids), فلماذا لانعمل مسابقة لتشجيع الطفل العربي علي الفكروالإبداع ,ونحن بوزارة الشباب نعمل مسابقة سنوية للأطفال وجمعية الأدباء تعمل مسابقات للأطفال ,مؤتمرات للأطفال وتقام بشكل مستمر وسيكون لي مؤتمر في الأسكندريه وهو مؤتمر سنوي يشاركون فيه الأطفال بكل مواهبهم,وحقيقة الإعلام مقصر بشكل كبير تجاه الطفل ولابد أن يلتفت إليه سريعا ويعمل علي الإرتقاء به من كل النواحي والاتجاهات.

 ** ماهي مشاريعك الإبداعية المقبلة؟

حاليا أنا أكمل مشروعي الأدبي ومتفرغ تماما له ,ولدي مشروع لديوان شعر جديد , ومشروع لكتابة أكثر من دراسه, ومشروع أيضا للأطفال, وهناك مشاريع مختلفة لاأستطيع البوح بها بوحا كاملا فحينما تكتمل سأعلن عنها, ولكن لي الآن كتاب تحت الطبع وهذا أقرب إصدار لي وهو بعنوان (شعراء الأسر والسجن في التراث العربي) ويحكي عن الشعراء الذين أسروا في العصور القديمة ,قد يكونوا سجنوا بسبب الكلمة أو الموقف, وأركز فيه علي ماقالوه في هذه التجربة وهذا هو الجديد.

 ** في رأيك ماالسبيل للوصول لإخلاء الشوارع والميادين من اطفال الشوارع؟

أنا أري أن هناك تجربه مهمه نفذت وهي تجربه المايسترو(سليم سحاب) حيث كون فريق كورال من أطفال الشوارع وهي تجربة فريدة ومبهرة للغاية, فنحن لدينا نموذج نستطيع الآن أن نحتذي به ونطبقه في كل جوانب حياتنا,ومنذ زمن ليس ببعيد سمعت بيان  لرئيسة المركز القومي للبحوث الإجتماعية والجنائية د.نسرين بغدادي وصرحت فيه أن عدد أطفال الشوارع أصبح قليلا مقارنة بالأعوام السابقة وهذا لأن هناك مؤسسات أستطاعت أن تعالج هذا الموضوع بالفعل وأعتقد أننا نسير في الإتجاه السليم للقضاء علي تلك المشكلة.