تسعى الدول إلى تحقيق الرفاهية لمواطنيها مع خلال توفير بيئة أكثر أمن وأمانًا في إطار تحقيق أهداف التنمية الم

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

كل ما تريد أن تعرفع عن " الجيوش الذكية " و تفاصيل حروب السنوات القادمة

ارشيفية   الشورى
ارشيفية


تسعى الدول إلى تحقيق الرفاهية لمواطنيها مع خلال توفير بيئة أكثر أمن وأمانًا في إطار تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي تعتمد على استخدام الابتكار وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، ومن هنا نشأت الحاجة إلى الآلات الذكية لتحقيق هذا الغرض خاصة في المجالات العسكرية والأمنية.

يساهم الكاتب "بول شاري" الحارس العسكري السابق الذي انضم إلى البنتاغون ليعمل في مكتب وزير الدفاع حيث طور بعض سياسات وزارة الدفاع الأولى حول التحكم الذاتي، وفي عام 2013، التحق بمركز أميركي للتكنولوجيا والأمن القومي من خلال كتابه المُعنون "Army of None: Autonomous Weapons and the Future of War" في إلقاء الضوء على إشكالية التقدم التكنولوجي المتزايد في مجال الذكاء الاصطناعي، من خلال مناقشة عدد من النقاط الهامة التي تهدف إلى توضيح كيف انعكس هذا التقدم على مسار تقدم الجيوش والأسلحة في العالم.

 ففي الوقت الذي يشهد فيه العالم المزيد من التقدم والرقي في مجالات تكنولوجيا المعلومات تواجه المجتمعات المتقدمة قبل النامية عدد من المخاطر المستقبلية نتيجة لاختلال التوازن بين الموارد البشرية والآلات الذكية وقدراته الخارقة التي تفوق قدرات الإنسان العادي بشكل كبير في العديد من المجالات.

يبدأ الكاتب برواية عن حادثة تعرض لها أثناء قيامه بدورية كحارس للجيش الأميركي في أفغانستان في عام 2004، حينما اقتربت فتاة صغيرة عمرها خمس أو ست سنوات ترعى زوجان من الماعز من فريقه أثناء تواجدهم بالقرب من أحد الجبال، كانت بحوزاتها جهاز راديو وأدركوا حينها إنها تقوم بالإبلاغ عن موقعها لمقاتلي طالبان.

وعليه ماذا يجب أن يفعلوا تجاه هذه الفتاة التي تمثل تهديدًا مباشرًا على فريقه؛ فوفقًا لقوانين الحرب، تعد هذه الفتاة من الأعداء ويُسمح أن يتم إطلاق النار عليها بغض النظر عن سنها، إلا إنه رفض الاقتراب منها وابتعد هو وفريقه وقاموا بتنظيم أنفسهم من جديد في مكان أكثر أمنًا، ولكن ماذا كان يمكن للآلة أن تفعل في هذا الموقف؟ إذ تمت برمجتها لقتل المقاتلين الأعداء بشكل قانوني، لكانت قد هاجمت الطفلة بدون تراجع.

لذا يحاول الكاتب من خلال سرد هذا الموقف أن يسلط الضوء على واحدة من أخطر المسائل الجدلية وهى ما إذا كان سيتم تطوير أنظمة أسلحة مستقلة يمكن أن تهاجم الأعداء فكيف لها أن تدرك إنه قتالًا شرعيًا وتستطيع التفرقة بين الأعداء.

الإرهاصات الأولى

يسعى الكاتب إلى رصد مراحل التقدم التي شهدتها الأسلحة الذاتية؛ حيث تعود إلى حقبة الحرب الأهلية متجسدة في بندقية "جاتلينج" التي تتميز عن غيرها من الأسلحة لكونها يمكن أن تطلق عشرات المرات أسرع من البنادق السابقة، وعلى الرغم من أن البندقية لم تكن قادرة على الإحساس أو الاستجابة لبيئتها، إلا إنها تعمل على أتمتة (Automation) عملية "تحميل الرصاص، وإطلاق النار، وإخراج الخراطيش وهو يوضح وجهة نظره بأن "الخط الفاصل بين الأنظمة الأوتوماتيكية والأوتوماتيكية والذاتية.

بدأت الدول استهداف التكنولوجيا كركيزة أساسية في تقدمها؛ حيث شهد عام 1914 اختبار للمخترع "إلمر سبيري" فكرة الطيار الآلي من خلال استخدام "جيروسكوب" للتحكم في الرحلات الجوية. ثم توالت التجارب ففي أوائل الخمسينات من القرن العشرين، طورت القوات الجوية الأمريكية أنظمة التحكم الخاصة بها من خلال نظام توجيه راداري للطائرات بدون طيار تمكنها من اتباع التضاريس بشكل مستقل. لكنها تحتاج إلى خرائط طبوغرافية سابقة العمل.

وفي الثمانينيات، نشر الأسطول الأميركي "صاروخًا مضادًا للسفن يمكنه مطاردة السفن السوفيتية واكتشافها وإشراكها من تلقاء نفسها". إلا إنه لم يتم استخدامه مطلقًا لأنه لم يمكن من التمييز بين السفن الحربية والسفن الأخرى. وقد أدى التقدم في قدرات أجهزة الاستشعار والقوة الحسابية والبراعة الخوارزمية إلى تطور الأسلحة الذاتية بشكل كبير.

الجمع بين الإنسان والآلة

يقودنا الكتاب إلى العالم المستقبلي لتكنولوجيا أسلحة التحكم الذاتي، أو "الروبوتات القاتلة"، مدفوعًا بالذكاء الاصطناعي والقادرة على شن الحرب دون الحاجة إلى قيادة بشرية. على الرغم من أنها تبدو وكأنها قطعة من فيلم خيال علمي، إلا أن التكنولوجيا اللازمة لبناء أسلحة ذاتية التحكم موجودة بالفعل وعلى وشك التطور.

وفي حقيقية الأمر يوجد حاليًا أسلحة متطورة تتميز بالعديد من السمات الذاتية مثل صاروخ Brimstone، وطائرة Harpy Drone الإسرائيلية، ونظام القتال Aegis التابع للوحدة البحرية الأمريكية التي تجسد لمحات مستقبلية عن مدى التقدم السريع في تكنولوجيا الحوسبة، والروبوتات، وتطوير أجهزة الاستشعار عالية الوضوح سيمكن قريبًا من إنشاء أسلحة قادرة على "التفكير" لأنفسها والقيام بمهام قتالية دون الحاجة إلى وجود قائد.

 وبرغم من ذلك إلا أن الكاتب يرى أنه من غير المحتمل أن تستخدم القوات العسكرية الحكومية أسلحة ذاتية الحكم بدون إشراف إنساني في الوقت الذي تشن فيه الحرب، مبررًا أن الجمع بين البشر والآلات في فريق واحد كـ- "المخلوق الأسطوري" النصف إنساني، ونصف الحصان – سيكون أفضل؛ حيث الجمع بين دقة الأتمتة ومرونة الذكاء البشري. ومع ذلك، فهو يبرز بشكل صحيح المخاوف من أن الجماعات الإرهابية والمجرمين والفاعلين من غير الدول يمكنهم بسهولة تطوير أسلحتهم المستقلة الذاتية الصنع واستخدامها بدون ضمانات، واستخدام الطائرات الاستهلاكية بدون طيار والتكنولوجيا الإلكترونية وبرمجيات المصادر المفتوحة.

تكلفة الحرب

يثير الكاتب عدد من القضايا الشائكة في كتابه الصادر حديثًا؛ حيث تابع فيه التطورات والطريقة التي تتغير بها أنماط الحروب وأساليب خوضها، ومدى تأثيرها بتقدم التكنولوجي علا    وة على مناقشة بعض القضايا القانونية والأخلاقية المتعلقة بقوانين القتال المسلح، كما يقدم آراء مجموعة من الخبراء وكبار المفكرين في هذا المجال لتسليط الضوء على أهم التحديات المحتملة للحروب المستقبلية التي سترتكز على الذكاء الاصطناعي.

وفي هذا الصدد يطرح "شاري" عدد من الأسئلة التي تعبر عن قلقه تجاه المسارات المتقدمة التي تشهدها الصناعات الدفاعية، ومدى تأثيرها على مستقبل الجيوش في المستقبل حيث تراجعت القيمة البشرية مقابل تصاعد قيمة الأسلحة المتقدمة، وعليه برزت بعض الأسئلة المتعلقة بمدى طموح الدول في تطوير هذه الأسلحة وهل يمكن الاتفاق على حظرها؟، وفي حالة التوصل إلى اتفاق حولها، هل يمكن ضمان التزام الدول كافة به؟. وهنا لابد من الإشارة إلى أن الدولة الساعية إلى حظر هذه الأنواع من الأسلحة هى الدول الصغرى ولكن ليس الهدف منها حماية المدنيين، بل كآلية لتقويض الدول الكبرى؛ حيث تمتلك ما يقارب من 30 دولة أسلحة ذاتية التحرك، ولكنها تعمل تحت إشراف بشري.

ختامًا؛ يعد الكتاب واحدًا من أهم الإصدارات التي تناقش مدى تأثير التطور التكنولوجي على مستقبل الجيوش، ومدى انعكاسه على الصراعات القادمة؛ حيث يجادل الكاتب بأن معاهدات الحد من التسلح تعمل بشكل جيد عندما تنطبق على الأسلحة العسكرية ذات تأثير محدود، ولكن من غير المرجح أن يتم عمل حظر عالمي على الأسلحة ذاتية التشغيل بسبب قيمتها العسكرية المتصورة وتطورها من قبل مجموعة واسعة من الأمم العسكرية.

ومع ذلك، يقترح الكتاب عددًا من البدائل الواقعية لمعاهدة الحظر، بما في ذلك حظر أنظمة الأسلحة ذاتية التشغيل المضادة للأفراد، التي قد تنجح لأن هذه الأنظمة سيكون لها فائدة عسكرية منخفضة ولكن لديها إمكانية عالية لإحداث الضرر؛ مثل وضع مدونة سلوك غير ملزمة قانونيًا للمساعدة في وضع قواعد لمراقبة الأسلحة المستقلة، فضلاً عن إرساء مبدأ عام بأن القيادة البشرية لابد أن تكون دائمًا في الحرب.