جماعة الإخوان هي الأم والجهاد هو ابنها " الإخوان أصحاب أول منهج للانقلابات باسم الدين صالح

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

قيادي بحركة الفنية العسكرية يروي رحلة ذكرياته قبل رحيله بساعات لـ "الشورى"

القيادي السابق  بجماعة الفنية العسكرية خلال الحوار   الشورى
القيادي السابق بجماعة الفنية العسكرية خلال الحوار


جماعة الإخوان هي الأم والجهاد هو ابنها "

الإخوان أصحاب أول منهج للانقلابات باسم الدين

صالح سرية كان يري كل من يرفض تطبيق شرع الله كافرا

لو نجحنا في الخروج على السادات كنا سنسلم السلطة للإخوان

كلفني صالح سرية  قبل الإعدام بعمل أربعة تنظيمات جهادية أحدها مدني والآخر عسكري والثالث للاغتيالات والأخير دعوي

مرسي سقط لأنه رجل التنظيم وليس رجل دولة يجب حل جماعة الإخوان قبل أي مراجعات

أقول للجماعات : "العلم مظنة التغير فطالما تعلمت شيئا يجب أن تتغير"

توفي مؤخرا  القيادي السابق  بجماعة الفنية العسكرية ياسر سعد مصطفي  ، والذي شارك في  العديد من عمليات العنف والمواجهة مع النظام  في بدايات السبعينيات من القرن الماضي .

رغم فشل تلك العمليات  فإنها ألقت بظلالها علي قدرة التنظيمات الإرهابية علي العنف والمواجهة،  لذلك تأتي شهادته  لمعرفة ظروف انتقاله من جماعات العنف الديني المتطرفة إلي قبول فكرة الوسطية من جديد.

فشهادة ياسر سعد تمدنا بكثير من الحقائق الخفية عن تنظيمات العنف والإرهاب ، فالرجل  بدأ  إخوانيا ،  ثم جهاديا لينتقل بعد ذلك إلي الإخوان مرة أخري ، ثم مستقلا في نهاية  الأمر وإلي تفاصيل الحوار : 

*في البداية نريد أن نعرف السر وراء تحولك من فكر الجهاد المتشدد إلي الفكر الوسطي ؟

**في بادئ الأمر لم تكن لدي ثقافة أو دراسة فقهية متعمقة , لذلك دفعت الثمن غاليا وسجنت ستة عشر عاماً ، قرأت خلالها عددا  كبيرا من الكتب الأزهرية ، وكنت دائما أقارن في الأصول والفروع والطريقة والأسلوب والسمت العام للمسلم, ما أتاح لي مراجعة كل الأفكار التي تدعو إلي العنف و في النهاية تغير فكري من التشدد  إلى الوسطية.

*ما صحة النظرية القائلة بتشابه فكر الإخوان وفكر الجهاديين , حيث يتفقان نظريا ويختلفان في طرق التنفيذ ؟

**بالعكس , الإخوان هم أصحاب الرؤى المتشددة والحكم على المجتمع المصري بأنه غير ملتزم ، وكلمة غير ملتزم لها مراتب عليا وسفلى,  ولكننا كنا نذهب دائماً كتيار جهادي إلي الحد الأقصى " الأكثر تشددا" ، فأخذنا موقفا من المجتمع المصري واصطدمنا معه ، وكنا نعتقد أنه يحتاج إلي إعادة تأهيل وهذا هو المبدأ  الخاطئ والفخ الذي وقعنا فيه ووقع فيه أيضاً التيار الإسلامي بأكمله ، أما بالنسبة للإخوان فقد قصروا كلمة غير ملتزم على عدم اصطفافه في صفوفها أو قناعته بفكرها  .

وعندما انعزلنا كتيار جهادي عن المجتمع ظهرت الفروق بيننا وبين الإخوان ، حيث كان اهتمامنا وتعاملنا مع مسألة ترك الحجاب واللحى على أساس أنها كبيرة من الكبائر تدخل صاحبها النار, على عكس تعامل الإخوان ،  فالفرق بيننا وبينهم استعمالنا للعنف فقط ولكن الفكر واحد  ومن هنا يمكننا أن نقول "  جماعة الإخوان هي الأم والجهاد هو ابنها " ، كما أن الإخوان تراعي  الهروب من الواقع بالكلمات والمراوغة بغض النظر عن  تطبيق الأفكار .

*إذن فمن أين أتيتم بمفهوم التغيير بالعنف الذي تبناه الجهاديون ؟ 

**جاء مع " صالح سرية " مؤسس جبهة التحرير الفلسطينية فلقد اتصل في البداية بالإخوان ثم اتصل بنا وحدث اجتماع مشترك بيننا، قال لنا فيه إن إخوة لنا مازالوا يقومون بتجارب من أجل أن نصل في النهاية إلى الحكم بالإسلام, وحينها أقترح علينا فكرة تسمى بـ " الانقلاب " وأكد لنا أنه بعد تطبيق هذه الفكرة سنستطيع أن نحكم البلاد بشريعة الإسلام ، وتعتبر الفكرة التي طرحها صالح سرية تطويرا واقعيا وتفعيلا لفكر "حسن البنا" ، ومن هنا اكتملت الفكرة لدينا وهي " إيجاز النصر بقتل من يخالف فكرنا " إلا أن هذا له شروط كثيرة جداً لا تنطبق على أحوالنا لأن كلنا مسلمون.

*قص علينا ماذا حدث في قضية الفنية العسكرية وبداية علاقتك بالتنظيمات  ؟

**قابلت طلال الأنصاري ،الذي أخذ مني بيعة لصالح سرية ، وتحدثت بعدها مع صالح الذي شرح لي فكرته في تغيير نظام الحكم بالقوة والعنف مستدلا بذلك بما حدث في السودان وليبيا ، وهو قد رجع من العراق بعد أن شارك في إحداث بعض الانقلابات.

*ما هي أيديولوجية صالح سرية الفكرية ؟

**كانت له رؤية قال إنه عرضها علي كل عالم من علماء الدين الذي قابلهم وقال إنه عرضها علي ( أبو الأعلي المودودي) وكثير من رجال الدين حتى مرشد الإخوان بمصر (حسن الهضيبي)، وكان مقتنعا بفكرة الجهاد والعمل العسكري  ، ويري أن الوسيلة النافعة للسيطرة علي الحكم وتغيرها لنظام إسلامي حسب تصوره هي قلب نظام الحكم لأن الحكام رافضون تطبيق شرع الله والحكم بالإسلام وهذه نظرته للحكام، وكان يري كل من يرفض تطبيق شرع الله كافرا خارجا عن الملة ، وعندما كان أحد يجادله كان يصر علي فكرته.

*كم مرة قابلت صالح سرية ؟

**مرة واحدة قبل أن يقبض علينا وكنت أقابله في قاعة المحكمة كثيرا ، وكان منفصلا عنا ،فقد كان في سجن القلعة ونحن كنا في مزرعة طره أثناء المحاكمة  .

*وما الخطة التي رآها فيما يخص اقتحام  الفنية العسكرية؟

**الاستيلاء علي السلاح من داخل الكلية دون أن ينكشف الأمر ثم اقتحام اللجنة المركزية  للاتحاد الاشتراكي حيث كان يوجد فيها الرئيس الراحل  أنور السادات وغيره من الوزراء، ويدخل علي اللجنة المركزية يقول إن هناك قنبلة ثم يسيطر علي القاعة ويجبر السادات علي التنازل عن السلطة ويعلن هذه المجموعة قائدة علي البلاد، وكان سرية  يصور لنا أن هذه المجموعة الضئيلة البسيطة على أنها جزء من مجموعة كبيرة أخرى هو يعلمها ولم يكشفها لنا لكننا كنا نتكهن أنها جماعة الإخوان المسلمين.

*وهل كانت له صلة بالإخوان المسلمين ؟

**هو تعرف علينا من خلال الإخوان المسلمين وكان له صلة بزينب الغزالي وعبد الفتاح إسماعيل ومحمد إبراهيم سالم الذي سمعت أنه كان مبايعا للدكتور صالح سرية، خاصة أنه تردد احتمال أن يكون الدكتور صالح مرشدا للإخوان المسلمين بمصر، لكونه عالما في الدين والفقه ومجاهدا.

 *وهل كان عالما في الدين بالفعل؟

**لقد كان مصاحبا لشيخ التيجاني عالم الحديث المشهور ،وكان يتردد علي المساجد في الأردن والعراق ، وكان يتردد علي علماء الدين المسلمين في الشرق والغرب وقال إنه قابل القذافي وجلس معه ، وقال إن القذافي هو من شرح له فكرة انقلاب ليبيا بنفسه، ولكني لا أستطيع الاستدلال كونه عالما أو غير عالم ،فكنت في سن صغيرة وهو بطبيعة الحال أعلم مني

*هو الذي وضع الخطة  أم قيادات  الإخوان ؟

**صالح سرية وضع الخطوط العامة للخطة وهي قلب نظام الحكم  بالقوة ، أو  علي حد تعبيره (تكتيفه بصوفه)، فعندما سألته من أين سنأتي بالسلاح إذا أردنا إحداث الانقلاب؟، قال لي تلك الجملة  "إحنا هنكتفه بصوفه"، فسألته وما معني ذلك ،قال لي أي أننا سنأخذ السلاح من الدولة لنهاجم به الدولة.

*هل شاركت في عملية اقتحام الفنية العسكرية  ؟

**لا لم أشارك، لأني أحسست أن طلال الأنصاري رحمه الله يبالغ في الأعداد والإمكانات ، فشعرت أن هذا الكلام به خلل ما وأن هذا الكذب سيؤدي إلي فشل في النهاية ، فلما واجهته أحلني من البيعة في وقتها، كان معي مجموعة من نادي سبورتنج بالإسكندرية ، وتركوه هم أيضا.

*ما هي خطة اقتحام  الفنية العسكرية التي قيلت لك ؟

**تم تكليف طلبة الفنية العسكرية بأن يرسموا خطة للكلية من الداخل ومن ثم الاستيلاء علي السلاح ، لكي يتم تدريب المدنيين من خارج الكلية علي استخدام السلاح ويرتدوا ملابس ميري (عسكرية ) وينفذوا هذا الأمر باعتبار أنهم فرقة من فرق الجيش سيتوجهون إلي اللجنة المركزية لإعلان تواجد القنبلة المزعومة  .

*لماذا لم  تنجح هذه الخطة ولم تنفذ ؟

**كانوا معتمدين علي المتواجدين أن يضعوا أدوية منومة بالجاتوهات لإعطائها لطلبة بالداخل إلا أن المنوط به هذه الخطوة كان دكتورا بالفرقة الرابعة يدعي كامل عبد القادر ، فوضع نوعا من المنوم غير جيد فلم يتم تخدير العساكر، لكن استعجال الشباب علي الموت أو حسب زعمهم الشهادة فقدموا الهجوم علي الفنية العسكرية علي الرغم من أن بعضهم كان يشعر بفشل المهمة بنسبة 90% ،لكنهم أقدموا علي هذا العمل ابتغاء مرضاة الله من وجهة نظرهم  .  

 ما معني فكرة التمكين للخلافة عند فكر صالح سرية ؟

 **فكرة التمكين كانت قوية لدى صالح ،وفي تحليلي الشخصي أن الفكرة سيطرت عليه كونه فلسطينيا، فظنوا في المسلمين التخاذل وظنوا في الحكام الفساد ، فالأمر لديه  متعاظم في كل شيء، لذلك لقد بدأ باتهام الحكام ثم الشعوب ، وكنا نعتقد  أن الإخوان متخاذلون لكنهم أحسن الموجودين علي الساحة  ، ورأينا أن نقوم بالضربة الأولي وإذا تمكنا منها سنستعين بالإخوان بعد ذلك ويدعمونا ونكون دولة إخوانية   .  

*هل كان له مؤلفات غير رسالة "الإيمان" ؟

 **حصلت علي كثير من كتب صالح ، وشعرت بأنه قارئ حديث جيد ، ولديه خبرة دينية جيدة وهو بالنسبة لي عالم لكني أنتقد كونه كان يكفر الحكام والأحزاب السياسية غير الإسلامية وكان يري أن تحية العلم كفر وأن الجندي المجهول نوع من الأنصاب والأزلام  .

 *كيف تم القبض عليك في هذه العملية الخطيرة ؟

** ذكر اسمي شخص في التحقيقات وقال إني كنت معهم  ، كان لدي تصور بعد انتهاء الأحداث أن اسمي سيذكر وكنت قلقا بالفعل  ،واقتحموا علي المنزل وصادروا عدة  كتب عن الجهاد ، وتم تحويلي للنيابة واعترفنا بأننا دخلنا التنظيم ببيعة لكن النيابة أخلت سبيلنا لأن علينا أن نثبت أننا خرجنا فأرادت أن تتأكد أننا تركنا التنظيم فأحالتنا للمحكمة فظللنا فيها قرابة عام وأربعة أشهر.  

* ما انطباعك حول صالح هل كان يصلح للسلطة والقيادة ؟

**من الناحية الأخلاقية متدين ولكنه كان متأثرا جدا بفكرة الانقلاب علي الحكام ، فلم يكن لديه بديل ولن يقبل ببديل ، وأيضا كانت فكرة التكفير لديه مبالغا فيها فأنا أعده من التكفيريين .

أخذت البراءة وأنا أحب صالح جدا ومتأثر بموقفه فقد كانت الدنيا مفتوحة أمامه فلديه من الأولاد تسعة  وزوجة جميلة،  وكان دكتورا في الجامعة ولديه سيارة مرسيدس وموقع أدبي مرموق .

*ماذا فعل لأعضاء جماعته جعلك تحبه ؟

**كان علي استعداد أن يفعل أي شيء من أجل أي أحد وهذا ما أراه مغامرة أو يأسا فكان ممكنا أن يكون أراد إنهاء حياته وتصور أن الأدوات التي معه تكفله الانفلات الآمن علي الرغم من أن معظمنا لم يكن قد مارس عنفا من قبل أو استخدم سلاحا ، بحيث لا يستطيعون فعل ما تفعله الصاعقة مثلا ، لكنها كانت مغامرة.

 *هل عاشرت كارم الأناضولي المتهم الثاني في القضية ؟

**كان شخصية بسيطة تأثر بشدة بأفكار صالح ، مال إلي التكفير داخل السجن من خلال مصاحبته للقطبيين بعنبر2  بسجن المزرعة ، وهذا ما سبب لنا أزمة في تقسيم الفنية العسكرية نصفين أحدهما بقيادة حسن الهلاوي الذي كان يكفر الحكام فقط ، ونصف آخر بقيادة كارم الأناضولي الذي كان يري في القطبيين أنهم أفيد للإسلام، وكانو يكفرون الجميع ، حتي التقى كارم بصالح وهذا ما قيل لي وعندما التقي في الإعدام قالوا لنا إن كارم غير فكره لفكر صالح الأخف تكفيريا الذي يكفر الحاكم فقط والتجمعات السياسية غير الإسلامية وتم تنفيذ الإعدام فيهم .

 *قص لنا قصة  اقتحامك للسفارة القبرصية بالإسكندرية  عام 1977 ؟

 **عام 77 مُحملة علي 74 ، فعندما دخلت السجن معهم أربعة أشهر كبرت فيها فكرة الجهاد ، وطلب الشهادة كبر أيضا ، وحسبت مغامرة صالح أنها إيمان، ومن هنا أخذته مثالا، فعدنا ثانيا للجماعة ، وكونا مجموعات ، وكان الجميع يري أنني سأخرج براءة فلذلك اعتمدوا علي أن أغير بعد خروجي الأمور، فحملوني مهمة تكملة الرسالة .

 فأرسل إلينا صالح رسالة بتكليف بعمل أربعة تنظيمات يجب تفعيلها أولها مدني وهو يكون من المدنيين والطلاب ،  وآخر عسكري يحضر للعمليات الإرهابية ، وحرب العصابات يتصدى للاغتيالات ، وأخير دعوى فاخترت تجهيز الاغتيالات،  والمفترض أن الدعوي يكون ممثلا له من خرجوا براءة ولكننا عندما خرجنا لم نتمكن من تشكيل التنظيمات الأربعة ،فشعرت  بصعوبة في التحرك فبدأنا نفكر في إخراج من هم بالسجن.

*كيف كان الاقتحام ؟

**وكانت خططنا أن نقتحم القنصلية  القبرصية بالإسكندرية ولأننا كنا في حاجة للسلاح فاستعدنا فكرة صالح أن نجلب السلاح من الدولة من خلال الحراسات ولكننا لم نوفق وقتل أحد الحراس بالخطأ بعد أن قام أحدنا وأخرج مطواة وهاجم بها العسكري فأصيب ولم نعلم أنه مات ، وبعدها حصلت علي بندقية العسكري عن طريق أحد زملائي ، ومتفجرات ومادة " الجلجنايت شديدة الانفجار"  ، وصواعق حصلت عليها عن طريق أشخاص بالبحر حتي تم ضبطها عند أحد أصدقائي ووالدته أبلغت أمن الدولة عندما علمت بمحتويات الشنطة، فقبض علينا ، ولم يكن معروفا أن هناك ضابطا مات إلا أن أحد الأشخاص اعترف بأن ضابطا مات وبالمراجعة تأكدوا أن الضابط مات وقيدت الجريمة ضد مجهول ففتحوا القضية من جديد، وقدمونا للتحقيق في قضية 77،وحكم علي بالسجن 15 عاما ومن معي أحكاما أقل مني ، لأنهم اعتبروني أنا القائد، وظللت تلك الفترة مع الفنية العسكرية حتى نهاية المدة.

*هل لاحظت تغييرا في نمط  التنظيمات في فترة السبعينيات عن الآن  ؟

**الفنية العسكرية كانوا يكفرون ، والتكفير درجات ،  فمنا  من اقتصر علي تكفير الحاكم وأعوانه  ، أما فكرة عدم تكفير الحاكم فلم تظهر إلا مع ظهور الجماعة الإسلامية المنتمية للسلفية، لكن الخروج وقتال الفئة الممتنعة عن تطبيق الشريعة ظل متواجدا لسنين طويلة ولم يكن هناك داعي لتكفير، ومع ذلك ظلت الجماعات التكفيرية كما هي .

*وما تفسيرك لهذا؟

**إن فكرة التكفير أصيلة في كل الجماعات ،لأنها تشعر باختلاف عن الآخرين ، ففكرة الجماعة هي ذاتها فكرة التكفير، فبعد انتشار الإسلام ظهرت جماعتا الخوارج والشيعة وقاموا علي فكرة التكفير للتمييز عن الغير ، وتوالت بعدها الجماعات التي اتبعت نفس النهج.

 *ماذا تقصد بانتشار الإسلام؟

 **السواد الأعظم من الناس، فالإسلام نقل بالتواتر وهو المنتقل عن طريق الصحابة ، وهناك  الإسلام الخاص وهو المتمثل في الجماعات مثل الإخوان والسلفيين وهو ما يفكر بالبيعة لمرشد ، ولم يعرف الإسلام هذه الخصوصية عبر تاريخه ،  وهو فكرة ضد نظام الدولة ، واعتبر أن صالح منطلق من فكرة الخواص ، وأنا شخصيا الآن لا أنتمي للجماعات لكني أعتبر نفسي من السواد.

 *تحدث كثيرا عن  فكرة رجال التنظيم ورجال الدولة داخل عقل الجماعات  ؟

 **رجل النظام ليس له شخصية قوية مستقلة فهو يعتمد علي النظام في كل شيء،  ولا يستطيع العمل بدونه, أما رجل الدولة فهو رجل شخص استقلالي يستفيد منه أي نظام ولا يعتمد علي التنظام .

 **وهل تري في إحدى الجماعات رجل الدولة ؟

 **لا أتصور أنه يوجد في الجماعات رجل دولة حتي الآن، فلو أراد ذلك عليه التراجع عن الانتماء للجماعة الذي له صبغة خاصة في النفوس وتضعف الشخصيات، كما فعل البعض الآن من الجماعات ، فقد تحرروا من رجال التنظيم ، فكان استقلالهم عن الجماعات حماية كبيرة للمجتمع والناس .

أنا ضد الخروج عن الحاكم لأنه يأتي بما هو أفسد منه ، وضد الثورة لأنها لن تحقق لمصر تغييرا حقيقيا ، مثل إنجلترا التي تغيرت  بفعل التغيير الإصلاحي بلا ثورة،  علي عكس فرنسا التي ثارت ولم تتغير.

 *ولكن التغيير الإصلاحي  البعض لا يراه موجودا ؟

 **لا أبدا ، ولكن لأننا ظللنا 30 عاما تحت وطأة هذا التفكير ، ويروج البعض أن الجماعات في يديها التغيير الإصلاحي وهذا الذي لم  يحدث و لم يقم أحد بعمل بدائل ، بل إن الثورة لم تقم علي أيدي الجماعات بل قامت بغيرهم .

 *هل ضميرك راضٍ عن تصريحاتك تلك أم تشعر بغضب الجماعات عليك؟

 **طول حياتي وأنا هكذا وضميري مرتاح جدا ، فكنت أقف للتكفيريين علي طول الخط .

 *لكنك كنت معجبا بصالح؟

 **لأني كنت صغيرا ، فلن أستطيع الرجوع عما تعلمته في الصغر، فالعلم مظنة التغير فطالما تعلمت شيئا يجب أن أتغير.

وكيف تري تحركات الإخوان الآن؟

 **أري أننا نسير إلي التشدد  ،لأن فكرة الجماعة التي يتخذها الإخوان المسلمين مصدر قوة لها وهي في نفس الوقت مصدر التطرف لجميع القوي في مصر ، وهذا قانون الجماعات ككل التي تدعي نصرة الإسلام .

وهذا يدفع لقانون دولة داخل الدولة مما يخلق المنافسة غير الشريفة والعناد في تكوين الجماعات بادعاء الدفاع عن الإسلام ، ذللك أري حل جماعة الإخوان المسلمين ثم نجلس نري كيف نتعامل معها بعد ذلك .

 *وما الحل من وجهة نظرك؟

 **الحل أن نرفض جميعا فكرة الجماعات باعتبار أننا سواسية، فالسلطات الثلاث مجتمعة في شخص واحد هو المرشد فبيده التشريع والحكم والتنفيذ، وبهذا تم اختزال الدولة في شخص ، فيجب أن تكون الأمور وفقا للدستور، وليس وفقا لدستور الجماعة التي يطيح بها المرشد وقتما شاء، فصلاحية المرشد تتعارض تماما مع حقوق المواطنة ، ولأن فكرة الجماعة فكرة بديلة عن الدولة فهي دائما تصطدم مع الدولة الحديثة ، فطالما أن هناك جماعة فإنها تشرع لقيام جماعات أخري.

*كيف كنت تري الوضع قبل الثلاثين من يونيو ؟

 **تصوري أن الدولة المصرية كانت قوية وتغييرها بالصدام كان مستحيلا ..نظرتي لشفيق غير نظرة الجماعات  له ، فلم أكن أراه كافرا لكني كنت أراه كوالدي ، كنت أراه سياسيا وضع بمكان معين كان من الممكن أن يوضع فيه غيره ، ولم أر له موقفا ضد الإسلام ، وأن الظروف هي التي أجبرته علي وضع معين بعد ثورة يناير، فلو أن أي شخص وضع محله لقبل المنصب .

 *ما هي نصيحتك للإخوان بعد هذه التجربة الكبيرة في المواجهة والتكفير والسجون والمعتقلات ؟

 **لا توجد دولة ناجحة بها جماعات ، لأنك إن أردت التقدم فيجب أن يكون هناك تخصص وطالما هناك تخصص فلا يوجد شخص يملك كل شيء .

 فيجب أن يكون هناك رجال الدين ورجال الدولة بمعني التخصص وليس الفصل ، أي احترام التخصصات فلا يمنع أن تكون سياسيا متدينا ، وإن كنت رجل دين فأنت واعظ ليس لك بالسياسة ، فهناك فرق بين شمولية الإسلام التي يمثلها الجميع وشمولية الإخوان التي تمثلها جماعة بعينها.