نظمت مديرية الأوقاف بالإسكندرية، أمس الثلاثاء، بعنوان "التحذير من الأرجاف والمرجفون وأثره في نهضة المجتمع"، و

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

"الإرجاف وأثره في المجتمع".. في أمسيات دينية بمساجد الإسكندرية

  الشورى


نظمت مديرية الأوقاف بالإسكندرية، أمس الثلاثاء، بعنوان "التحذير من الأرجاف والمرجفون وأثره في نهضة المجتمع"، وذلك تنفيذا لتوجيهات الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بتبنى القضايا الهامة التى تساهم فى تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى المواطنين وتنشر الفكر الوسطى المستنير.

وقال الشيخ محمد العجمى، وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية: "حدثٌ صغيرٌ أو خبرٌ كاذِب، أو قولٌ مشكُوكٌ فيه، أو معلومةٌ مُجتزأَة فيها حقٌّ وفيها باطل، كلُّ ذلك يجعلُونَه نبأَ الساعة، أو الخبرَ الرئيس، فيملأون به الإذاعات، وتزدحِمُ به الشاشات، وتُعقَدُ له الندوات، وتتزاحَمُ عليه الصور، وتُدبَّجُ فيه المقالاتُ والتعليقاتُ، وتتواصَلُ فيه المُتابعات والتغريدات.

حتى يجعلُونَه إما أُعجوبةَ الدهر، وإما قاصِمةَ الظهر من غير مِصداقيةٍ ولا تروٍّ ولا مُعالجةٍ صحيحة، ثم ينقشِعُ الغُبار، ويتبيَّنُ الحال، فلا ترَى أثرًا، ولا تسمعُ خبرًا، إرباكٌ للنفوس، وصرفٌ عن المُهمِّ، وإشغالٌ عن مصالِح الأمة، يصحَبُ ذلك كلَّه تخويفٌ وتهويلٌ وتضليلٌ".

وتابع: "الذي يصنع ذلك كله ويحمل وزر هذه المجازفات الإرجافُ والمُرجِفون، يُثيرُون ما يُولِّدُ الاضطرابَ والقلقَ، وينشُرون ما يُورِثُ عدمَ الاستِقرار، ويبُثُّون كلَّ ما يُحبِطُ ويُثبِّط. يخُوضُون في الأمور العامَّة من قبل أن يتبيَّنُوا حقائقَها، أو ينظرُوا في آثارِها وعواقبِها، ففي الإرجاف تُبتَرُ العبارات، وتُقطعُ النصوصُ عن سِياقاتها وسِباقاتها، ثم يكون التعليقُ عليها بما لا يجُوز وما لا يصحُّ، وما لا تتحمَّلُه تلك النصوص، وما لا تصحُّ فيه النسبةُ لقائلٍ".

وبين "العجمى" أن المُرجِفُ يتكلَّمُ عن الداء، ولا يُبالِي بالدواء، يُثيرُ العيوبَ ويُخفِي الفضائلَ، يقعُ على السلبيَّات ويصُدُّ عن الإيجابيات، فتظهرُ السوءات وكأنها هي السِّمةُ السائِدة في المُجتمع، والصفةُ الغالِبة في الأمة، في تخذيلٍ وتضليلٍ وشيءٍ من الحقِّ قليل، والإرجافُ في مآلاته عُدوانٌ على الأمة، وتطاوُلٌ على أهل الحق.

وأضاف أن ميادينُ الإرجاف واسِعة؛ في الصحف، والمجلات، ومواقع العمل، والمسجد، والمدرسة، وأماكن التجمُّعات، فتُنشرُ الأخبار، وتتصدَّرُ الأحداث، وتُبرزُ في خطوطٍ عريضة، وصُورٍ كريهة، وأساليب ساخِرة. يُلبِّسُون ويُردِّدون ويُعلِّقون ويُضحِكون القومَ، يرفعُون من شاءوا ويخفِضُون من شاءُوا، كما تحمِلُ أدواتُ التواصُل الاجتماعي في ذلك وِزرًا كبيرًا، وإثمًا عظيمًا حينما تُسارِع في نشر الأكاذِيب، وتضخِيمِ الأحداث، وبتر الحقائِق، وتُكثِرُ من تداوُلها وإعادة تدويرِها.

ولقد قرَّر أهلُ العلم أن الإرجافَ طريقٌ حرام لا يجوزُ الإقدامُ عليه.

وأكد "العجمي" أن للإرجافِ والمُرجِفين مقاصِد ومآرِب؛ من الإرهاب الفكريِّ، والحرب النفسيَّة، وتوهِين العزائِم، وإدخال الهمِّ والحزَن على أهل الحقِّ والغَيُورِين على مصالِح الدين والأوطان والأمة، وبثِّ الفتن والاضطراب بين الناس، وفُقدان الثقة، والنَّيل من الكُبرَاء وأهل الفضلِ والاقتِداء، ويلاحظ اقتِرانُ الإرجاف بالفوضَى والتشتُّت والانفِلات، والبُعد عن الانضِباط والهُدوء. فلا يُرى مُرجِف إلا قلِقًا مُكتئِبًا مُتوجِّسًا، سيِّئَ الظنِّ، مُحبَطَ النفس، دائِمَ الشكوَى، كثيرَ التبرُّم، عابِثَ الملامِح. الأملُ عنده خيبة، والإنجازُ لديه عَثرة، لا يرى إلا القسوةَ والشرَّ، ويعمَى أن يرَى البُشرَ في الوُجوه، والخيرَ في الناسِ.

إنه إسقاطٌ لمُعاناةٍ نفسيَّة، ومعايبَ أخلاقيَّة؛ بل هروبٌ من المسؤوليَّة، وتسويغٌ لسُلوكيات عنده خاطِئة؛ ليُرضِيَ نفسَه، ويُسوِّغَ مسالِكَه.

ووجه "العجمى" حديثه لأبناء المجتمع قائلا: "احذر أن تكون مُرجِفًا، أو أن يُرجَفَ عليك، كم هو جميلٌ أن تجعلَ من أُذنِك غِربالَ تصفيةٍ لتُميِّز أصواتَ المُخذِّلين، ونداءات المُرجِفين، وتسمعَ إلى القول فتتبِّعَ أحسنَه، واحذر أن تكون مُخذِّلاً لأمتك، ناصِرًا لأعدائِها من حيث تشعُر أو لا تشعُر، وليعلَم كلُّ صاحبِ قلمٍ وموقعٍ وتدوينٍ أنه موقوفٌ بين يدَي الله، مسؤولٌ عن كل حرفٍ يُسطِّره، أو لفظٍ يُدوِّنُه، أو صُورةٍ ينشُرُها"، مشيرا إلى ضرورة التفريق بين الإرجاف والنصيحة والإنكار؛ فالنصيحةُ لازِمة، وإنكارُ المُنكَر لا بُدَّ منه، والأمرُ بالمعروف مُتعيِّنٌ مُتحتِّم، أما الإرجافُ فهو ما ينشُرُ رُوحَ الانهِزام والانهِزاميَّة واليأس، أما النصيحةُ وتحذيرُ المُسلمين، فيكونُ فيما يقعُ من مفاسِد ومُخالفات، مع الاتِّزان في الكلام، ومُراعاة أحوال الناس والظروف والمُناسبات، مما يبرُزُ فيه سُلوك مسلَك الحكمة والموعِظة الحسنة؛ بل إنه ليُقدِّمُ العلاجَ الناجِع، والحلَّ النافِع.

فالمُصلِحُ الناصِحُ يعرفُ الداءَ لتشخيصِه من أجل الوُصولِ إلى الدواء، ويعرفُ العيوبَ ليُعالجَها، ويعرفُ مِقدارَ نسبتِها إلى الفضائل.