مفاجأة .. تعرف على سر المنزل المصور به أحداث فيلم "دعاء الكروان"
03:11 م - الأحد 18 مارس 2018
كتب
مروة السورى
في مثل هذه الأيام ، قبل خمسين عاماً ، كان العملُ جارياً بدأبٍ وهمّة في ستوديو القاهرة إستعداداً لأخراج فيلم " دعاء الكروان " ، عن قصة طويلة لطه حسين ؛ عميد الأدب العربي . إتسمَ هذا العمل ، العظيم ، في إرتباطه بأسماء ثلاثة من مبدعي الكلمة والصورة . ففضلاً عن الكاتب ، الموسوم ، لدينا كلّ من هنري بركات ؛ شيخ المخرجين المصريين ، وفاتن حمامة ؛ سيّدة الشاشة . والقصة هذه ، ذيّلها كاتبها بتاريخ 1934 ، وكان قد لمّح في أكثر من مقابلة بأنها مستقاة من حكاية حقيقية ، جرت فصولها في مسقط رأسه بالذات ؛ بإحدى قرى الصعيد . إنها حكاية ثأر ، تتأثل العادة المرتبطة بتقاليد تلك المنطقة ؛ وهيَ قبل كل شيء ، حكاية عن جريمة شرف . وكاتبنا هنا ، في قصته ، غلّب السردَ على الحوار ، بما أنه جعلَ البطلة ، " آمنة " ، تروي الواقعة بضمير المتكلم . ويمكن لنا ، على رأيٍ ٍ شخصيّ ، تصنيف هذه القصة في مراتب الأسلوب الواقعي الوجودي ، ليسَ فقط لما نعلمه عن تأثر طه حسين بمعلمه أندريه جيد ، بل وخاصة ً لما تطرحه الحكاية من مشكلة " التغريب " ، العصيّة الإشكالات : إنّ الأمّ " زهرة " ، المبتلية بزوج مستهتر ، سيكون عليها بعيد موته أن ترحلَ عن قريتها ، مُجبرة ً ، والتشرّد من ثمّ مع إبنتيها المراهقتين في الطريق إلى المدينة الصغيرة ؛ مركز المديرية . هذا الإنتقال ، المفاجيء ، من نمط الحياة الريفيّ ، شبه البدويّ ، إلى نقيضه المدينيّ ، كان بمثابة بؤرة الحدث . وبما أنّ الأمّ قد فقدت برحيلها الأرضَ ؛ مصدرَ عملها ورزقها ، فلا خيار أمامها هنا ، في المدينة ، إلا التغاضي عن صرامة التقاليد ، والقبول بجعل كبرى بنتيها ، " هنادي " ، خادمة لدى أحد المهندسين ، المتنفذين . أما عقدة القصة ، فتمثلت في إنتهاك " الباشمهندس " لعرض خادمته ، وما كان من سعي شقيقتها للإنتقام لدمها ، المباح ، إثرَ مقتلها على يد الخال ، الظالم ؛ هذه التي تقسم على الثأر في الفجر التالي للجريمة ، والمتناهي فيه تغريدُ طائر الكروان . هيَ قصة ، ما فتأتْ معاصرة اليوم ونعايشُ وقائعَ مشابهة لها ، لا في مجتمعاتنا المشرقية وحسب ، وإنما أيضاً في تجمعات المهاجرين في قلب أوروبة : هذه المرتبطة فيها " جرائم الشرف " بقوم معيّن ، بشكل خاص ، من يتحدر معظم أبنائه ، المغتربين ، من أقاليم تسودها ذات التقاليد ، شديدة المحافظة ، المشابهة لما أوردناه آنفاً بشأن منطقة الصعيد ، في موطن النيل .
وعن المنزل المصور به الفيلم هو منزل بـتونه الجبل فى المنيا ، البيت بناه عالم الآثار دكتور سامى جبره و اهداه لعملاق الأدب دكتور طه حسين استراحه له اقام فيها فترة زمنية وقرر بعد ذلك أن تقدم بها القصة وأحداث الفيلم .