المنطقة تغطيها أدخنة المصنع.. والأهالي يعانون من أمراض الصدر استخدام الفحم والحمأة والقمامة كوقود تسبب في

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

"وادي القمر" و"تيتان" للأسمنت.. نزاع يبحث عن حل

  الشورى


المنطقة تغطيها أدخنة المصنع.. والأهالي يعانون من أمراض الصدر 
استخدام الفحم والحمأة والقمامة كوقود تسبب في زيادة التلوث 
النائب حسن خير الله: تقدمت بمقترح لحل المشكلة.. وهدفنا تطوير المنطقة
"تيتان" يساهم في تجديد مدرسة.. والأهالي: لم يحل المشكلة

عندما نسمع اسم "وادي القمر" قد يخطر ببالنا منطقة وادي رم في الأردن أحد أجمل الصحاري في العالم، والتي يقصدها السياح من مختلف الأنحاء، أو ربما يخطر ببالنا نهر وادي القمر في البرازيل، بصخوره الغنية بالمعادن والأملاح، أو منطقة وادي القمر التي تقع غرب الإسكندرية، وتتبع حي العجمي، والتي تختلف كثيرا عن الصحراء والنهر اللذان يحملان نفس الإسم، فقد كانت تسمى قديما "مون غيتس" نسبة إلى الملاحات وحقول الملح التي كان ضي القمر يظهر عليها فيضيء ما حوله، كما كانت مكانًا للنزهة والإستشفاء، أما الآن فتغطيها السحب السوداء والأتربة، ولا يستنشق قاطنيها الذين يتخطى عددهم 60 ألف شخص سوى الدخان والأتربة التي تخرج من مداخن مصنع الإسكندرية لأسمنت بورتلاند "تيتان"، وتضر بصحة أهالي المنطقة، الذين يطالبون منذ سنوات عديدة بإيجاد حل لهذه المشكلة، لما لها من آثار سلبية على صحة أبنائهم.

و"الشورى" في هذا التقرير تلقي الضوء على تلك المشكلة.
أضرار جسيمة 
جاء في تقرير لجنة تقصي الأوضاع عام 2008، والتي تم تشكيلها حينها بقرار من مجلس الشعب، أن الإنبعاثات الناتجة من هذا المصنع تسبب أضرار جسيمة على سكان وادي القمر، كما أنها تتسبب في التأثير السلبي والخطير على الشركات المجاورة ومنتجاتها، مما يستوجب اتخاذ إجراء حازم وقطعي وسريع في هذا الشأن. 

وفي عام 2010، أقامت شركة المكس للملاحات دعوى ضد المصنع، وثبت حينها في تقرير خبير وزارة العدل أن ملح الطعام ملوث بفعل انبعاثات الأسمنت خارج بيئة العمل، وأن المصنع لم يلتزم بالمعايير الدولية بشأن مستوى الإنبعاثات.

وفي نفس العام، أقام الأهالي دعوى قضائية ضد المصنع أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، طالبوا فيها بإلغاء الترخيص الصادر للمصنع لعدم قانونيته، وأفاد تقرير هيئة مفوضي الدولة في الدعوى، أن الشركة تعمل بموجب ترخيص غير سليم قانونا ويستوجب إلغاءه.

دعوى.. ومخالفة
وفي عام 2012، أقام الأهالي دعوى أخرى تتعلق بإستيلاء المصنع على 60 مترًا من الطريق العام وبناء سور حديدي أمام البوابة الرئيسية، وطالبوا بإزالة السور المخالف للقانون.

وفي 30 أغطس 2015، حررت وزارة البيئة محضر مخالفة ضد المصنع يفيد بأن هناك انبعاثات أعلى من الحدود المسموح بها خارج بيئة العمل. 

كما تم توقيع الكشف الطبي في 22 ديسمبر 2015 على خمسة أطفال وسيدتين وشابان ورجلان بمستشفى الصدر كعينة عشوائية، وأشارت التقارير إلى أن نسبة الإصابة 100% أي أن الحالات مصابة بأمراض صدرية مزمنة وربو والتهاب رئوي وبحاجة للعلاج المستمر. 

منطقة سكنية 
وفي أوائل عام 2016، صرحت وزارة البيئة أن وادي القمر منطقة صناعية للصناعات الثقيلة، ولا يصح بناء مساكن بها، وأفادت أن إغلاق المصنع أو نقله، سيضر بالصناعة والإقتصاد، وأن التلوث البيئي في المنطقة سببه الأحمال الثقيلة فى الشوارع وليس الأتربة الناتجة عن المصنع، وحينها أعرب أهالي المنطقة عن غضبهم واستياءهم من تلك التصريحات، مؤكدين أن هناك خرائط صادرة عن هيئة المساحة المصرية تعود إلى عام 1944 تثبت أن الأهالي اتخذوا من منطقة وادي القمر منطقة سكنية منذ ذلك الحين، أما المصنع فقد تم بناءه عام 1948، وكان مملوكًا للدولة حتى عام 1999، حين تم بيع أكثر من 73% من الأسهم لشركة أجنبية، وتنقلت الملكية بين شركات مختلفة حتى الملكية الحالية.

وفي يناير 2016، أقام الأهالي الدعوى "رقم 8815 لسنة 70 قضائية" مطالبين فيها بوقف تنفيذ وإلغاء قرار البيئة بالسماح للمصنع بإستخدام الفحم، ووقف تنفيذ وإلغاء قرار رئيس الوزراء، المعدل للائحة التنفيذية لقانون البيئة، والذي سمح بإستخدام الفحم في المناطق السكنية، وذلك بعد أن بدأ المصنع في استخدام الفحم كوقود، وكذلك استخدام الحمأة والقمامة كوقود بديل عن الغاز بعد ارتفاع أسعاره، وقد استندت الدعوى إلى مخالفة القرار الإداري للقانون والدستور والإتفاقيات الدولية التي وقعت عليها مصر، والتي تحمي وتحترم الحق في الصحة والبيئة النظيفة.

الأوضاع متدهورة 
وأكد هاني أبو عقيل، أحد أبناء منطقة وادي القمر، أن الأوضاع البيئية في المنطقة ما زالت متدهورة، خاصة بعد أن اتجه المصنع لإستخدام الفحم في منتصف 2015، وكذلك الحمأة والقمامة، بعد أن تقدم بطلب للحكومة لإستخدام الفحم "متحججًا" بعدم إمداده بالغاز الكافي لتشغيل المصنع، مما أدى إلى تضاعف التلوث والإنبعاثات، فزادت أضراره على الأهالي.

وعن مشاركة المصنع في تجديد مدرسة وادي القمر للتعليم الأساسي في نهاية 2017، قال "أبو عقيل"، تجديد المدرسة لم يمنع الأضرار الناتجة عن انبعاثات المصنع، ومساهمته في تطوير المدرسة تأتي في إطار المشاركة المجتمعية، وهو دور عليه القيام به.

وأضاف أن هناك دعوى مقامة ضد المصنع بمحكمة مجلس الدولة، لما يسببه من أضرار بيئية للأهالي، ودعوى أخرى خاصة بوقف استخدام الفحم لمخالفته قانون البيئة المصري، خاصة انه قريب من شاطىء البحر مما يضر بالثروة السمكية، لافتًا إلى أن المسافة بين المصنع والشاطىء لا تتجاوز 50 متر.

وأوضح "أبو عقيل" أن المسافة بين المصنع والمنازل لا تتعدى 5 أو 10 متر، مؤكدًا أن الضرر الناتج عنه لا يتوقف على الإنبعاثات الناتجة منه والتي تسبب أمراض صدرية مزمنة، وانما يسبب أيضا ضررًا لحاسة السمع، مشيرًا إلى أن عدد من أهالي المنطقة فقدوا حاسة السمع، إلى جانب اصابة عدد كبير منهم بسرطانات الرئة. 

أين الحل؟
ورأى "أبو عقيل" أن نقل المصنع لن يكون له أثر سلبي، منوهًا إلى أن نقله بالقرب من أماكن استخراج المواد المحجرية سيقلل تكلفة الإنتاج، ويعود بالنفع عليه. 

وتابع: "نحن حريصين على مصلحة البلد، لذا نسعى لتوصيل صوتنا بأسلوب حضاري من خلال القنوات الشرعية المتاحة، ونأمل في إيجاد حل لهذه المشكلة في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، في ظل سياسته واهتمامه بمشاكل المواطن". 

وأيده محمد الضبع، أحد أبناء المنطقة، معتبرًا أن تقديم المصنع لبعض الخدمات مثل تجديد مدرسة وادي القمر، لن يحل تلك المشكلة، فالمباني تغطيها الأتربة، والأطفال يعانون من الأمراض بسبب الإنبعاثات الناتجة من المصنع، مطالبًا المسئولين بإيجاد حل لتلك المشكلة القائمة منذ سنوات، وذلك بنقل المصنع خاصة انه فك وتركيب ويسهل نقله خارج الكتلة السكنية أو إيجاد منطقة بديلة لقاطني وادي القمر، مع مراعاة أن سكان المنطقة قبائل وعشائر ولا تناسبهم المساكن الشعبية. 

وأضاف: "نحن ليس لدينا مصالح خاصة أو توجهات سياسية كما يدعي البعض، وانما نسعى للحصول على حق أطفالنا في إستنشاق هواء نظيف".

خطة مقترحة 
وأكد المهندس حسن خير الله، عضو مجلس النواب عن دائرة الدخيلة، انه يحاول بشتى الطرق والوسائل توفيق الأوضاع، وإيجاد حل يرضى الأهالي، خاصة بعد أن قام المصنع بتجديد مدرسة وادي القمر للتعليم الأساسي، في إطار المشاركة المجتمعية، موضحًا انه تقدم بخطة لحل المشكلة، وجاري دراستها، أهم مقترحاتها تركيب فلاتر بالمصنع طبقًا لأحدث منظومة عالمية لمنع انبعاثات التلوث واختبارها دوريا، تشوين الأتربة الموردة من المحاجر داخل جمالونات مع عدم تركها دون غطاء، تركيب منظومة رش مياه على سطح الأتربة المشونة، رش مياه بشكل يومي على الشوارع المحيطة وداخل المصنع، تعلية الأسوار الخارجية لتقليل التلوث مع زرع أشجار بالخارج وبالشوارع المحيطة، وتقديم الرعاية الصحية للحالات المرضية التي لا يوجد لها علاج بوحدة طب الأسرة بوادي القمر مع ترميم مركز طب الأسرة، إلى جانب تنظيم قوافل طبية متعددة كل شهر وفحص المرضى بوادي القمر والمكس، وعمل مشاريع خدمية للمنطقة ورصف الشوارع المحيطة، وكذلك تشكيل لجنة من مجلس النواب والبيئة والصحة لبحث حالات السكان والمصانع، وربط القياسات البيئية بالشركة بشبكات وزارة البيئة، والعمل على تطبيق قانون البيئة والقياسات العالمية والمعايير الدولية.

وأشار "خير الله" إلى انه يحاول جاهدًا إيجاد حل للمشكلة بالتركيز على تنمية وتطوير المنطقة، بالتعاون بين المصنع والأهالي.