نظمت مديرية الأوقاف بالإسكندرية، أمس الثلاثاء، أمسيات دينية بعنوان "الصدق وجزاء الصادقين"، وذلك تنفيذا لتوجيه

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

وكيل "أوقاف الإسكندرية": أصدق ميزان لرقي أي أمة هو صدق أفرادها في أقوالهم وأعمالهم

جانب من الأمسية  الشورى
جانب من الأمسية


نظمت مديرية الأوقاف بالإسكندرية، أمس الثلاثاء، أمسيات دينية بعنوان "الصدق وجزاء الصادقين"، وذلك تنفيذا لتوجيهات الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بنشر صحيح الدين الإسلامي الحنيف بوسطية واعتدال، وتحت رعاية الشيخ محمد العجمي وكيل وزارة الأوقاف بالإسكندرية.

وقال "العجمي": "جاء ذكر الصدق والصادقين في القرآن الكريم فقال الله عز وجل واصفًا نفسه: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا} (النساء: 122)، ويقول سبحانه: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا} (النساء: 87)، وقد فسر المفسرون الآية بأنه لا أحد أصدق من الله عز وجل في حديثه وخبره ووعده، فكل ما قيل في العلوم والأعمال مما يناقض ما أخبر به فهو باطل لمناقضته للخبر الصادق اليقين، فلا يمكن أن يكون حقا تيسير الكريم الرحمن، وهذا الإستفهام إنكاري يدل على أنه ليس هناك مَن أصدق من الله عز وجل".

وأضاف: "وقد أمر الله سبحانه أهل الإيمان أن يكونوا مع الصادقين، وخصص المنعم عليهم بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين، فقال: {يأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (التوبة: 119)، وقال سبحانه: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} (النساء: 69)، فهم أهل الرفيق الأعلى، {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا}، ولا يزال الله يمدهم بنعمه وألطافه، ويزيد إحسانا منه وتوفيقا، ولهم مزية المعية مع الله، فإن الله تعالى مع الصادقين، ولهم منزلة القرب منه؛ إذ درجتهم منه ثاني درجة النبيين، وأثنى عليهم بأحسن أعمالهم: من الإيمان، والإسلام، والصدقة، والصبر وبأنهم أهل الصدق فقال عز وجل: {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (البقرة: 177)، وهذا صريح في أن الصدق بالأعمال الظاهرة والباطنة، وأن الصدق هو مقام الإسلام والإيمان، والله سبحانه وتعالى قسم الناس إلى صادق ومنافق، فقال: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِنْ شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} (الأحزاب: 24)". 

وبيّن "العجمي" أن الإيمان أساسه الصدق، والنفاق أساسه الكذب، فلا يجتمع كذب وإيمان إلا وأحدهما يحارب الآخر، وأخبر سبحانه أنه في القيامة لا ينفع العبد وينجيه من عذابه إلا صدقه، فقال تعالى: {هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (المائدة: 119)، وقال سبحانه: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ * لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} (الزمر: 33 – 35)، فالذي جاء بالصدق هو من شأنه الصدق في قوله، وعمله وحاله.

وأشار "العجمي" إلى أن الصدق في الأقوال، هو استواء اللسان على الأقوال؛ كاستواء السنبلة على ساقها، والصدق في الأعمال هو استواء الأفعال على الأمر والمتابعة؛ كاستواء الرأس على الجسد، والصدق في الأحوال هو استواء أعمال القلب والجوارح على الإخلاص، واستفراغ الوسع، وبذل الطاقة، مؤكدًا انه بذلك يكون العبد من الذين جاءوا بالصدق، وبحسب كمال هذه الأمور فيه، وقيامها به تكون صدِّيقِيَّتُه، ولذلك كان لأبي بكر الصديق ذروة الصديقية، حتى سمي الصديق على الإطلاق، والصديق أبلغ من الصدوق، والصدوق أبلغ من الصادق، فأعلى مراتب الصدق مرتبة الصديقية، وهي كمال الانقياد للرسول - صلى الله عليه وسلم - مع كمال الإخلاص للمرسل.

وتابع: "فقد أمر الله سبحانه رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن يسأله أن يجعل مدخله على الصدق، فقال: {وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطَانًا نَصِيرًا} (الإسراء: 80)، وأخبر عن خليله إبراهيم - عليه السلام - أنه سأله أن يجعل له لسان صدق في الآخرين، وبشر عباده أن لهم قدم صدق، ومقعد صدق، فقال: {وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ} (يونس: 2)، {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ * فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ} (القمر: 54، 55)، فهذه خمسة أشياء، مدخل الصدق، ومخرج الصدق، ولسان الصدق، ومقعد الصدق، وقدم الصدق، وحقيقة الصدق في هذه الأشياء هو الحق الثابت المتصل بالله، الموصل إلى الله، وهو ما كان به وله من الأعمال والأقوال. وجزاء ذلك في الدنيا والآخرة".

واستطرد قائلًا: "وقد وصف الله عز وجل رسوله بالصدق، يقول الله عز وجل: {وَوَهَبْنَا لَهُمْ مِنْ رَحْمَتِنَا وَجَعَلْنَا لَهُمْ لِسَانَ صِدْقٍ عَلِيًّا} (مريم: 50)، ووصف الأنبياء وذريتهم بأنه أعطاهم لسان صدق، ويقول: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا} (مريم: 54)، ووصف إسماعيل بأنه كان صادق الوعد، وقال لنبيه إدريس - عليه السلام -: {إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا} (مريم: 56)".

وأكد "العجمي" على أن جزاء الصادقين عند الله سبحانه وتعالى المغفرة والأجر العظيم كما جاء في هذه الآية: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (الأحزاب:35).

وفى السنة النبوية جاء جزاء الصدق والصادقين فيما رواه عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «اضْمَنُوا لِي سِتًّا مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَضْمَنْ لَكُمُ الْجَنَّةَ: اصْدُقُوا إِذَا حَدَّثْتُمْ، وَأَوْفُوا إِذَا وَعَدْتُمْ، وَأَدُّوا إِذَا اؤْتُمِنْتُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ، وَغُضُّوا أَبْصَارَكُمْ، وَكُفُّوا أَيْدِيَكُمْ» .

ووجه "العجمي" نصيحة لأفراد المجتمع قائلا: "عليكم بالصدق الزموه وكونوا مع أهله، ففيه النجاة، وفيه الفرَج، فالصدق يكشف عن معدن الإنسان وحسن سريرته، وطيب سيرته، كما أن الكذب يكشف عن خبث طوية صاحبه، وقبح سيرته، والصدق منجاة، والكذب مرداة، الصدق محبوب ممدوح في العقول السليمة، والفطر السويّة، والكذب مذموم ممقوت تمجه الطباع والفطر السليمة، ونحن فى المجتمع فى حاجة ماسة إلى الصدق لأنه ضرورة من ضرورات الحياة الاجتماعية، بل هو أكبر أبواب السعادة للأفراد وللأمة".

واختتم "العجمي" حديثه مؤكدا على أن أصدق ميزان لرقي أمة من الأمم هو صدق أفرادها في أقوالهم وأعمالهم، وإنها لأزمة كبيرة تلك التي يعاني منها الناس في تعاملهم عندما يفقدون الثقة فيما بينهم نتيجة فقدهم لخلق الصدق، وانتشار خلق الكذب بينهم مثل الكذب في الأقوال والكذب في الأعمال، والكذب في النيات، فليس غريبا إذن أن تقف الشرائع كلها مشددة في خلق الصدق، منكِرة رذيلة الكذب.

وأضاف أن العلاقات الإجتماعية، والمعاملات الإنسانية، تعتمد على شرف الكلمة وصدقها، ولولا الثقة بشرف الكلمة وصدقها لتفككت معظم الروابط الاجتماعية بين الناس، ويكفي أن نتصور مجتمعا قائما على الكذب لندرك مبلغ تفككه وتمزقه، وانعدام صور التعاون والتلاحم بين أفراده.