يصرف الإنسان وقتًا في التفكير في الخطية حيث تبدأ بالفكر، ويحدث أحيانًا أن يظل يدفع في الفكر حتى يهزمه أو يُ

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

الأربعاء 24 أبريل 2024 - 06:58
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة

الأنبا مكاريوس يكتب : الخطية والزمن

الأنبا مكاريوس - أسقف عام المنيا   الشورى
الأنبا مكاريوس - أسقف عام المنيا


يصرف الإنسان وقتًا في التفكير في الخطية حيث تبدأ بالفكر، ويحدث أحيانًا أن يظل يدفع في الفكر حتى يهزمه أو يُهزَم منه، ويمكن أن نطلق على ذلك "زمن المقاومة"، فإذا سقط فهو يفعل ذلك في وقت يُسمّى "زمن الخطية"، ثم أنه يصرف بعد السقوط وقتًا في الندم قبل أن يقدّم عنها توبة. والإنسان العاقل هو ذاك الذي يستطيع تجاوز الأزمنة الثلاثة للخطية، زمن التفكير وزمن التنفيذ وزمن التوبة، ومن ثَمّ يتجاوز الخطية نفسها.

إن الزمن الذي تتم فيه الخطية يكون ضئيلًا جدًا، مقارنة بالزمن الذي يسبقها والآخر الذي يليها. وفي بعض الأحيان تتم الخطية في لحظات، بينما يعاني الإنسان من نتائجها لسنوات، بل وقد يفقد حياته كلها بسببها، ويوصف الإنسان هنا بأنه "انحمق". وبخصوص زمن الخطية يفرِّق الآباء بين وضعين فيما يتعلق بزمن الخطية، الأول زمن اقتراف الخطية، والثاني وصم أو وسم الشخص بالخطية كجزء من شخصيته أو علامة في حياته، كأن تقول إن فلانًا سرق أو إنه سارق، كذب أو كاذب، والفرق هو الزمن المرتبط بكل حالة، فبينما يستغرق الكذب ثوانٍ معدودة، ترتبط الصفة بحياة الكاذب.

وكما أن "زمن الخطية" قد يعني الساعات أو الدقائق التي مارس فيها الإنسان الخطية كالسرقة والزنى والسكر، فقد يعني أيضا الحقبة أو الفترة التي عاش الإنسان فيها في الخطية بعيدًا عن الله، عنها يقول القديس بطرس «لأنَّ زَمانَ الحياةِ الّذي مَضَى يَكفينا لنَكونَ قد عَمِلنا إرادَةَ الأُمَمِ» (١بطرس٤: ٣)، وتُسمّى أيضًا أزمنة الجهل: «فاللهُ الآنَ يأمُرُ جميعَ النّاسِ في كُلِّ مَكانٍ أنْ يتوبوا، مُتَغاضيًا عن أزمِنَةِ الجَهلِ» (أعمال١٧: ٣٠).

ويتحدث علماء اللغة في الكتاب (الإيتيمولوجيا) عن نوعين من الزمن، المدة أو التاريخ: (الأيام والسنوات= كرونيكال)، والفرصة (أو اللحظة أو الموقف أو القرار= كاريوس) ومنها قولنا «ملء الزمان» وكمال الزمان. هذه الفرصة هي التي تُمنَح للتوبة، يمكن أن تُسمى أيضًا "زمن الافتقاد" «لأنَّكِ لَمْ تعرِفي زَمانَ افتِقادِكِ» (لوقا١٩: ٤٤)، أو زمن إستجابة الإنسان «اليومَ، إنْ سمِعتُمْ صوتَهُ، فلا تُقَسّوا قُلوبَكُمْ» (عبرانيين٤: ٧).

أخيرًا: فإنه مع طول الزمان يمكن أن يتقسّى قلب الإنسان، وبينما تكون أمامه الفرصة (كاريوس) فإن إرادته تكون عاجزة، ومتى تحركت الرغبة فيه في زمن لاحق فإنه حينئذ يكتشف أن القدرة قد فارقته، هكذا قال الآباء: "لن ينتظرك الزمان حتى تبكي على خطاياك". إذًا فإن كل من استطاع أن يتجاوز زمن الخطية فإنه يستطيع تجاوز الخطية نفسها، ربما كان المقصود بـ«الوقت المقبول» (٢كورنثوس٦: ٢) هو الوقت المقبول من الطرفين: الله والإنسان، أو بمعنى أدق: الوقت الذي قبل فيه الإنسان أن يطيع الله ويقبله، أن يمد يده ليمسك بيد الله الممدوة إليه، إنه زمن الافتقاد