فتحت قضية ضبط مخزن للأسلحة والمتفجرات الذى عثرت عليه قوات الأمن بالصدفة، فى محافظة أسيوط، فى أثناء عملية تحري

جريدة الشورى,اخبار مصر,اخبار مصرية,اخبار الرياضة,اخبار الفن,اخبار الحوادث,اخبار الصحة,مراة ومنوعات,حظك اليوم,اخبار الاقتصاد,رياضة,عملات,بنوك,الرئاسة

رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء والعضو المنتدب
محمد فودة
جبال ومدقات أسيوط.. داعش مرت من هنا

«الشورى» تفتح ملفات عصابات تجارة الموت وتهريب الأسلحة بالصعيد

سلاح   الشورى
سلاح


فتحت قضية ضبط مخزن للأسلحة والمتفجرات الذى عثرت عليه قوات الأمن بالصدفة، فى محافظة أسيوط، فى أثناء عملية تحرير الصيدلى المسيحى المختطف فى قرية تاسا بمركز ساحل سليم، أبواباً جديدة لاستعانة العناصر المدبرة للعمليات الإرهابية، بتجار الأسلحة والعناصر الإجرامية الخطرة المتمركزة بالصعيد وخاصة الجبل الشرقى.

جريدة "الشورى" قررت فتح ملف تقصى حقائق تهريب السلاح للصعيد، من خلال دروب ومسالك العناصر الإجرامية الذين يستعين بهم منفذو العمليات الارهابية لتمويلهم عملياتهم بالأسلحة والمتفجرات التى لن تدخل إلى الصعيد إلا بمعرفة عناصر عتاة الإجرام، وتجد هذه العناصر فى القرى المتاخمة للجبال والعصابات المطاردة من الأمن التى تسكن الجبل الشرقى والغربى فى محافظات طبيعة خصبة لتنبت منها العمليات الإرهابية وتمويلها بكميات الأسلحة التى تملأ الصعيد بالإضافة إلى الأفراد أصحاب الفكر خارج الانتماء، والعقول غير المفكرة للانضمام إلى التنظيمات الشيطانية التى تشن حروباً ضد الدولة فى الداخل.

 

«الصعيد» أرض خصبة للتنظيم الإرهابى.. والمطاريد ورجال العصابات فى خدمته


الصدفة تقود الأمن لداعش

وكان اللواء عاطف القليعى مدير أمن أسيوط تلقى إخطاراً من قوة فريق البحث الجنائى المكلف بتحرير أمير موريس إسحاق الصيدلى الذى اختطف من داخل صيدليته بقرية دير تاسا التابعة لمركز ساحل سليم، نظير فدية قدرها 5 ملايين جنيه، على يد 4 مسلحين، بالعثور على مخزن للمتفجرات والأسلحة، بقرية الجمسة التابعة لمركز ساحل سليم، وبه بعض المواد المتفجرة محلية الصنع خلال فحص واقعة خطف صيدلى من الصيدلية الخاصة به بقرية دير تاسا.

 

وترتبط محافظات الصعيد بأربع طرق أساسية لتهريب الأسلحة من الجبلين الشرقى والغربى فالجبل الشرقى يرتبط بالبحر الأحمر مباشرة وتصل منه كميات اسلحة هائلة تأتى على عدة قرى فى محافظة أسيوط شرقية فى مركز أبنوب بنى محمد، والمعابدة، وفى مركز الفتح عرب الكلابات، وفى مركز البدارى قرى قاو النواورة والهمامية.

وتمتد مدقات جبلية شرقية مفتوحة من هذه القرى التابعة لمحافظة أسيوط على طرق سفاجا، والقصير، حلايب وشلاتين وجنوب سيناء عن طريق البحر فترتبط هذه المدقات والطرق الوعرة الخارجة عن رصد القوى الأمنية والقوات المسلحة، من داخل الجبال، وقال إسماعيل خلاف مصدر مقرب من عرب المشارقة وهم فئة يسكنون الجبال الشرقية لمحافظات الصعيد إن الاعراب الذين يدعمون ويتعاملون مع العناصر الإجرامية وتجار الاسلحة فى هذه المناطق يعتمدون على الجمال التى تحمل الاسلحة وهى تحفظ الطريق عن ظهر قلب فى هذه المدقات الوعرة لتصل بها دون قائد من فم البحر وهو لفظ محفوظ للمهربين مكان رسو مراكب تفريغ الاسلحة، ويقوم العرب بتحميلها على الجمال لتوصيلها إلى هذه القرى عبر الدروب الجبلية وبعد وصولها يتم تخزينها فى مخازن خاصة ثم تباع بملايين الجنيهات للعصابات وعائلات الخصومات الثأرية الكبرى.

 

السودان مصدر رئيسى

كما يتم أيضاً تهريب كميات من الاسلحة النارية من السودان إلى جبال حلايب وشلاتين عبر الدروب الجبلية، وحتى الدخول لمصر والوصول لقرى الصعيد تسير الجمال محملة بالاسلحة داخل فضاء الجبال دون دليل لانها تكون حافظة جيدة للطرق حفظاً جيداً ما يجعل المهمة أسهل وآمنة على مهرب الاسلحة حتى لو تم ضبط الجمال يكون المهرب فى أمان، وتأتى الاسلحة عبر النيل داخل بطن الصنادل النيلية بعد تغليفها جيداً لعدم وصول الماء إليها اثناء الرحلة، ما يجعل تهريبها أسهل من تفتيش قوات الامن للمركب من داخل المياه الامر الذى يحتاج لغطاسين محترفين، لسهولة التفتيش والتوصل إلى المهربات من بطن المركب.

أما الطرق الغربية، وهى شبكة مدقات ودروب جبلية مرتبطة بالجبل الغربى والصحراء الغربية وكانت من أهم طرق تهريب الاسلحة، منذ 10 سنوات ماضية وبخاصة السنوات السبع الأخيرة وقت بدء الثورة المصرية والتى دخلت من خلالها ملايين قطع الاسلحة عبر الشريط الصحراوى الحدودى الرابط بين دولتى مصر وليبيا، ويتحكم فى هذه الطرق مجموعة من عرب المغاربة وهم ليبيون فى الاصل وفدوا إلى محافظات مصر عقب الاحتلال الايطالى لدولة ليبيا ولجوء الملك السنوسى واتخذوا الظهير الصحراوى مسكناً لهم وزراعة أرض الجبل والتجارة المخالفة للقانون مهناً لهم بعيداً عمن اندمج منهم داخل المجتمع المصرى، وعاش على وادى النيل وهم عدد من القبائل، وكانوا يدخلون إلى الاراضى الليبية، من مدقات لا يعرفها المصريون ويتمركزون على الشريط الحدودى الرابط بين مصر وليبيا بداية من مركز الحمام شمالاً وحتى القرى الرابطة بين مصر وليبيا والسودان وبحيرة ناصر جنوباً، وسيوة ومناطق محافظة الوادى الجديد فى المنتصف، هى التى ضيقت عليها القوات المسلحة، عقب ضرب كمين الفرافرة الكيلو 100 بطريق الفرافرة بالواحات البحرية فى الوادى الجديد، مرتين متتاليتين خلال عام واحد من المهربين بالتعاون مع العناصر الارهابية، لضرب الامن المصرى.

 

إرهاب الدفع الرباعى

من وسائل إخفاء السلاح داخل سيارات الدفع الرباعى الربع أن يقوم اصحاب هذه السيارات بعمل صندوق مخصوص مكون من مرتفع بدرجة 20 سنتيمتراً حيث يقوم بتعبئة السلاح داخله ولحام هذا الصندوق بعد قطع الطبلية الاساسية للسيارة "ربع نقل" ذات الدفع الرباعى ويقوم بصف السلاح داخل هذا الصندوق واللحام عليه.

وقامت مصر بدور كبير لتضييق الخناق على هذه العناصر الفترة الماضية لمنع دخول عناصر اجرامية أو إرهابية، من هذه الدروب وقامت بعزل طرق التهريب خوفاً من وصول عناصر داعش داخل البلاد، ولكن ضرب الكمين المرة الأولى جعل قوات حرس الحدود من الجهة الغربية يستيقظون يقظة غير عادية جففت منابع التهريب بشكل كبير وهذا يفسر ما قامت به إحدى طائرات الجيش من ضرب جروب سياحى داخل منطقة سيوة بعد رصد سيارات الدفع الرباعى داخل حيز الصحراء الغربية قرب الحدود الليبية.

الجرينوف ومضادات الطائرات والأربى جى..عنوان النفوذ والتفاخر بين العائلات



وأسيوط هى أكبر محافظات مصر فى تجارة الاسلحة استهلاكاً واستيراداً من المحافظات الأخرى عقب وصولها عن طريق الصحراء الغربية من ليبيا، أو عن طريق سلاسل جبال البحر الأحمر من السودان جنوباً، أو من سيناء شرقاً إلى أسيوط.

وتتصدر قائمة المحافظات التى تسمى بسوق السلاح حيث يعتبر السلاح من المطالب الاساسية خاصة فى ظل تزايد الخصومات الثأرية بين العائلات، وزيادة العناصر الاجرامية الموجودة فى الجبلين الشرقى، والغربى، وحتى بين عامة الناس والأهالى يعتبر السلاح واحداً من أفراد العائلة، وله نفس المكانة والقيمة، ويستخدم ضد محاولات الاستيلاء على الأراضى أو للتفاخر والتباهى.

وشهدت تجارة السلاح رواجا وانتعاشا فى الصعيد بعد الثورة المصرية ومثيلتها الليبية التى أدخلت لمصر مئات الأطنان وآلاف القطع من مختلف أنواع السلاح الثقيل منها والخفيف.

 

أسعار السلاح

تراوحت أسعار البنادق الآلية من ماركات وأنواع الروسى، والألمانى، واليوغسلافى، من 35 ألف جنيه، و29 ألف لمتوسط الحال، وللمستعمل و23 ألف جنيه للآلى ذى الحالة المنهكة، الذى لا يتحمل إطلاق عدد كبير من الرصاصات.

وهناك أنواع بنادق آلية خفيفة حديثة انتشرت وهى ما تسمى بالكورى 10، والكورى 11، خفيف دون ديبشك خشبى ولها مفصل حديدى وتصل أسعار الجديد منها 28 ألف جنيه بينما المستعمل منها يصل لـ22 ألف جنيه.

ووصلت اسعار الرشاش المتعدد 40 ألف جنيه، ويصل إلى 55 ألف جنيه حسب حالته ومن الممكن إيصاله لك لمنزلك مقابل ألفى جنيه زيادة فى محافظات، بينما تبدأ أسعار الجرينوف من 60 ألف جنيه إلى 75 ألف جنيه حسب النوع والحالة.

والأسواق بها حالة من الركود ويوجد مدفع رشاش "م.ط" مضاد للطائرات يبدأ سعره من 75 ألف جنيه إلى 66 ألف جنيه، ويستعمل فى المعارك الكبرى بين عائلات الصعيد.

وسجلت أسعار المسدس "حلوان" له فى السوق السوداء 30 ألف جنيه النيكل، والنصف نيكل، بعد أن كان سعره وصل إلى 22 ألف جنيه فى الفترة القديمة وكان الأسود وما يطلق عليه القديم 19 ألف جنيه، ووصلت أسعار الـ"الاوتوماتيك" 16 طلقة إلى 25 ألف جنيه ولا يوجد منه كثيراً، فهو قادم عن طريق التهريب.

وارتفعت أسعار السلاح بشكل كبير بعد إعلان القوات المسلحة الحرب على الإرهاب فى سيناء، التى كانت المغذى الرئيسى لوصول السلاح إلى محافظات الصعيد عن طريق الجبال والبحر الأحمر، الذى يرتبط بطرق مباشرة مع الصعيد المستورد الأكبر والمستهلك الأساسى للأسلحة.

كما حاصرت قوات حرس الحدود الطرق القادمة من دولة ليبيا ومنها ثلاثة مدقات أساسية ترتبط بدولة ليبيا التى كانت المصدر الثانى الأساسى لتوريد الأسلحة الآلية لمصر، حيث دخلت منها كميات كبيرة -حسب مصادر أمنية- تصل إلى أكثر من 2 مليون قطعة سلاح من جانب الأراضى الليبية خلال السنوات الماضية.

 

كما شددت القوات المسلحة، وقوات حرس الحدود الحصار على مهربى طرق السودان مصر وبخاصة حلايب وشلاتين وطريق درب الأربعين، مما تسبب فى تجفيف منابع توريد السلاح داخل مصر خلال الفترات الماضية، وكانت دخلت مصر فى السنوات الخمس الماضية -حسب مصادر سيادية- 4 ملايين قطعة سلاح قادمة عن طريق السودان.

وأكد مصدر أمنى رفيع المستوى بوزارة الداخلية، أن كميات السلاح المضبوطة داخل مصر خلال السنوات الماضية عن طريق مديريات الأمن وبخاصة فى محافظات الصعيد تكفى لتسليح جيش دولة صغير، سجلت أكثر من600 خصومة ثأرية خلال السنوات العشر الماضية.

ساهمت عصابات سكان الجبال فى بعض القرى ذات الطبائع البشرية اليابسة، مثل أعراب الغرب من القوصية وديروط ومنفلوط وبعض مشكلات الثأر، فى نقل كميات كبيرة جداً من الاسلحة وترسانة كبرى واطنان من الطلقات، وهو ما فطنت إليه عناصر بناء التنظيمات الارهابية التى وجدت فى مناطق وقرى الصعيد بيئة خصبة واتخاذها ستاراً لتمويل عملياتهم بالسلاح، وسهولة السيطرة على افكار الشباب فاقد الانتماء.

قال سيد محمد من مركز البدارى إن مركزنا غنى جداً بأموال تصدير الرمان، واصبح يشترى الأسلحة الثقيلة مثل الجرينوف -وهو اقل شىء- و"القنابل اليدوية والآر بى جى وقنابل الغاز المسيل للدموع" ومدافع "م، ط"، ويدفع ثراء المواطنين والمكاسب التى تأتى من تصدير الرمان لتكوين ترسانات أسلحة ثقيلة استعداداً لأى معارك ثأرية محتملة إلى أن وصلت البدارى لدولة مسلحة داخل مصر وينقصها شراء دبابات وسيارات مصفحة من حاملات المدفع الـ 52 وغيره! بل أصبح المواطن فى مركز البدارى لا يستطيع النوم إلا على اصوات الرصاص.

وأضاف يوسف حسين من مركز ساحل سليم، أن عصابات أولاد حلاجة يتخذون من الجبل الشرقى وكرا لا يستطيع أحد الاقتراب منه، وأيضا عصابة فى قرية الغريب التى قامت بشراء كميات كبيرة من الأسلحة وخلال فترة ثورة 30 يونيو قام افراد هذه العصابات بالاعتداء على مركز الشرطة بمدافع "الاربى جي" وغيرها من الأسلحة الثقيلة التى تستخدمها فى الوقت نفسه فى التجارة ويضطر سكان المركز من القرى المجاورة لتسليح انفسهم لوقايتهم من شر الاسلحة التى تتحكم فيها هذه العصابات.

ويوضح ياسر محمود، من مركز أبنوب أن الأسلحة المهربة التى تصل جبل المعابدة، الذى يتبع قرية المعابدة، تكفى لمحاربة جيش كبير، وتشكل أكبر مخاوف حال تجدد الخصومات الثأرية والمعارك الطارئة بين العائلات.

ويقول أحمد على، من قرية البربا فى مركز صدفا إن أزمة الثأر الواقعة بين عائلتى الهمامية والضباعة، هى أكبر المشاكل التى تجعل من العائلتين مصدرا لاستيراد الاسلحة فهذه العائلات تجبر على حمل السلاح من سعى الثأر وراء كل منها ولذلك تسعى عائلات القرية لتسليح نفسها بأسلحة مماثلة لتجنب الخلافات الناشئة عن الخلافات الثارية بين العائلتين.

وقال مصدر أمنى بمديرية أمن أسيوط، إن الاجهزة الأمنية جمعت خلال الاشهر الماضية أكثر من 20 ألف قطعة سلاح والامن يسعى لجمع الاسلحة غير المرخصة من المواطنين والحد منها، بحملات مكثفة للقضاء على السلاح فى المحافظة.

وتقوم أسر الصعيد بتدريب أبنائها على حمل السلاح منذ نعومة اظافرهم، بدلاً من اللعب بالكرة، ليكون جاهزاً فى حالة دخول الاسرة أو العائلة فى خصومة ثأرية، ويعتبر السلاح جزءا من الاسرة مثل الابن أيضاً، ولا بد أن يكون على أتم الاستعداد لأى حروب مستقبلية سواء ثأرية أو خلافات قبلية، ويتعلم الطفل مع النطق أن السلاح النارى بين الأسرة شىء مهم مثل أى شخص فى البيت.

ورأت العناصر الإرهابية أن فى الصعيد وبالذات فى محافظة أسيوط أرضا خصبة لمتابعة نشاطها الإرهابى وبدأت التوغل إليه من خلال عناصر الإجرام الخطرة من سكان المناطق والجبال الشرقية والمطاريد، لتسهيل مهمة جلب الاسلحة والمتفجرات وتسهيل مهمة تهريبهما من الاماكن من منابعها.  

وتبنت عصابات إجرامية فى الصعيد -وبخاصة فى مركزى البدارى والساحل الذى اختطف منهما الصيدلى وأخفى فيهما- عمليات ضد الشرطة ومراكز قواها منذ ثورة يناير فقد هاجمت هذه العناصر مركزى شرطة الساحل والبدارى عقب الثورتين وقاموا بتدميرهما بشكل شبه كامل عقب ثورتى 25 من يناير و30 من يونيو ففى البدارى أحرق المركز وتم الاستيلاء على سلاحه بالكامل، وفى الساحل هوجم مركز الشرطة من العناصر عقب الثورتين وأُطلقت عليه قذائف "ار بى جي" وقذائف "هون" واقتحم فى المرة الاولى وتدمر جزء منه فى المرة الثانية.

ورغم قيام قوات الامن بمهاجمة بؤر اختباء واوكار العناصر الإجرامية مثل وكر اختباء عصابة "حلاجة" وعصابة عرب مطير ومطاريد الخوالد البحرية وسكان الجبال فإنه ما زال منهم كثير فى المغارات وشعاب الجبال ومزارع الاراضى المستصلحة يعبثون بمقدرات الدولة فى انتظار فرصة للانقضاض عليها لينهشوها.